مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : تنظيم الكتابة السجعية    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :

 محمود العسكري 
6 - نوفمبر - 2010
بسم الله الرحمن الرحيم
( طريقة لكتابة الرسائل السجعية )
-   ثَمَّ طريقةٌ لكتابة الرسائل السجعية ؛ وهي : إفراد كل جملتين لهما سجعةٌ واحدةٌ في سطرٍ، وإن قُسِّمَت الرسالة أقسامًا ، والجملة الخاتمة لكُلِّ قِسْمٍ لها سَجْعةٌ واحدةٌ مع نظيراتها؛= مُيِّزَتْ هذه السجعة في الجمل الخاتمة للأقسام بالحمرة ، وعُلِّقت فوق آخر كل جملةٍ في الحشو علامة (س) دلالةً على أن الوقف عندها بالسكت دون تنفُّسٍ ؛ وذلك لأن جمل الحشو آخِذٌ بعضها برقاب بعضٍ ، والسَّجْعة الخاتمة لا تزال مرتقبةً .
-   وقد تُمَيَّزُ السَّجْعَةُ الخاتمة بخطٍّ ، وقد كانت سُنَّة الكُتَّاب : أن يُّرسم الخطُّ فوق النصِّ المراد تمييزه ، لكن تبدَّلَت هذه السُّنَّة إلى رسم الخط تحت النصِّ كما هي العادة حالاً .
-   وما أثار بذهني هذه الطريقة كان المطالعة في كتاب ( ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب ) لابن الخطيب ، وقد حققه ونشره محمد عبد الله عنان - غفر الله لنا وله وجزاه خيرًا - في ضمن ما نشره من تراث ابن الخطيب ، لكن بإزاء المجهود الطيب الذي بذله ؛= فإن تلك الكتب لا تزال بحاجةٍ إلى اعتناءٍ أدبيٍّ خاصٍّ .  
-   وثَمَّ موضوعٌ آخر ؛ وهو : الاستعانة بالعلامات والاصطلاحات الموسيقية في توجيه الإلقاء والأداء اللغوي ، وابتكار علامات جديدةٍ ، فإن فنَّ الإلقاء لا يزال معتمدًا على الاجتهاد الفرديِّ في تفهُّم أفكار الكلام وأجوائه العاطفية ، وفي التماس السمات الصوتية ذات التأثير المنطبع في نفس المستمع والتعبير بها أثناء الخطاب تعبيرًا يتوافق به القالَب والمضمون دون شذوذٍ أو نشازٍ . لكن ؛ ما أجمل أن يتأيَّد هذا الاجتهاد الفرديُّ بعلاماتٍ مبتكرة يرسمها الكاتب للقراء ! ؛ كي يتواطؤوا على أداءٍ وإلقاءٍ واحدٍ يُقَرِّب إليهم المعانِي كما جالت في نفس كاتبها . وعلامات الترقيم الموضحة في كتب الإملاء تساهم في تقريب الفهم ذهنًا ، لكنها لا ترشد بدِقَّةٍ إلى كيفية الإلقاء .
-   ولهذا الموضوع إن شاء الله تطبيقٌ لاحقٌ ، لكن بداءةً : هذا تطبيقٌ للفكرة الأولى على كلمتين بليغتين في وصف الأسد ، إحداهما مفتلذةٌ من ( أسواق الذهب ) لأحمد شوقي ، والأخرى مأثورةٌ عن أبي زبيد الطائي مزبورةٌ في ( أراجيز العرب ) لتوفيق البكري وابن التلاميد الشنقيطي .


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
حلية الأسد - أبو زبيد    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
[ حلية الأسد - أبو زبيد الطائي ]
-       وأقبل أبو الحارث من أجمته ؛ يتظالع في مشيته ،
-       من بغيه كأنه مجنوب أو في هجار ،
-       بصدره نحيط ، ولبلاعمه غطيط ،
-       ولطرفه وميض ، ولأرساغه نقيض ،
-       كأنما يخبط هشيمًا ، أو يطأ صريمًا ،
-       وإذا هامة كالمجنّْ ، وخد كالمسن ،
-       وعينان سجراوان ، كأنهما سراجان يتقدان ،
-       وكف شثنة البراثن ، إلى مخالب كالمحاجن ،
-       فضرب بيده فأرهج ، وكشر فأفرجس=
-       عن أنياب كالمعاول مصقولةس غير مفلولة ،
-       ثم أقعى فاقشعر ، ثم مثل فاكفهر ، ثم تجهم فازبأر ،
-       فلا وذو بيته في السماء ما اتقيناه إلا بأخ لنا من فزاره ، كان ضخم الجزاره ،
-    فوقصه ثم نفضه نفضةً فقضقض متنيه فجعل يلغ في دمه فذمرت أصحابي ، فاختلج رجلاً أعجر ذا حوايا فنفضه نفضةً تزايلت منها مفاصله .
-       ثم نهم فبربر ، ثم زأر فجرجر ،
-       ثم لحظ فوالله لخلت البرق يتطاير تحت جفونه ، ومن شماله ويمينه ،
-        فأرعشت الأيدي واصطكت الأرجل ،
-       وأطَّت الأضلاع ، وارتجت الأسماع ،
-       وشخصت العيون ، وتحققت الظنون ، وانخزلت المتون .
*محمود العسكري
6 - نوفمبر - 2010
حلية الأسد - أحمد شوقي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
[ حلية الأسد - أحمد شوقي ]
-       طاغية الصحراء ، وجبار العراء ، وأجرأ من وطئ الغبراء .
-       عرشه غابته ، وحجابه مهابته ، والوحدة مجلسه وصحابته .
-       ابن الصحراء البكر نَحَتَتْ أجلاده من صخرها ، واستوقدَتْ بأسَه من حرها ، وطبعته على انقباضها وكبرها .
-       وكأن الصُّور حنجرته ، وكأن نفخة الصُّور زمجرته .
-       إذا سمعت خفتت العقائر ، ولاذت الهوام بالحفائر ، وطار الواقع ووقع الطائر .
-       وصفته ؛ فقلت :
-       هامة من أضخم القمم ، جلست على المنكب العمم ، ولبست تاج الشهرة في الأمم .
-       وراء الهامة غفرة كأنها اللامة ، هي اللبدة وهي عمامة أسامة .
-       دارت على وجه كوجه الموت بادي الشرة ، منقبض الأسرة ، ذي جبهة مغبرة ، كجبهة القتال مكفهرة .
-       وكأنها صفحة السيف ، تلقي الحتف دون الحيف .
-       في الجبهة عينان كاللهب ، في حجابين كالحطب .
-       بينهما أنف غليظ القصبة ، منتشر الأرنبة .
-       كأنه الأفعوان افترش الحجر ، أو اضطجع في هشيم الشجر .
-       حول الأنف كلحة ؛ كأنها خزانة أسلحة .
-       إذا انطبقت فعلى كوامن الغيوب ، وإذا انفتحت فعن القضاء بارز النيوب .
-       ومن عجب الخلق رأس كأنه صخرة ، أو كأنه أرومة يابسة نخرة .
-       ينهض به ساعد جدل ، لا هزيل ولا عبل .
-       كما تنهض أسطوانة الحديد على قلتها بالكثير الضخم من البناء .
-       وللأسد كف كأنها المدجج ، أو كأنها الحجر المدمج .
-       إذا مست فقار الفرس قطعت نظمه ، ونثرت لحمه وعظمه .
-       كل ذلك في إهاب أغبر ، وجلباب أكدر .
-       كأنما صنعا من القفر ، أو قطعا من الصخر ، أو كأنما كسيا لون الصحراء كما تكسى البوارج لون البحر .
-       وإذا قام على برثنه فتمثال ، وإذا انقض فهضب منهال .
-       وإذا تراءى بالسهل فدعامة ، وإذا طلع من الحزن فغمامة .
*محمود العسكري
6 - نوفمبر - 2010

 
   أضف تعليقك