حلية الأسد - أحمد شوقي     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
[ حلية الأسد - أحمد شوقي ] - طاغية الصحراء ، وجبار العراء ، وأجرأ من وطئ الغبراء . - عرشه غابته ، وحجابه مهابته ، والوحدة مجلسه وصحابته . - ابن الصحراء البكر نَحَتَتْ أجلاده من صخرها ، واستوقدَتْ بأسَه من حرها ، وطبعته على انقباضها وكبرها . - وكأن الصُّور حنجرته ، وكأن نفخة الصُّور زمجرته . - إذا سمعت خفتت العقائر ، ولاذت الهوام بالحفائر ، وطار الواقع ووقع الطائر . - وصفته ؛ فقلت : - هامة من أضخم القمم ، جلست على المنكب العمم ، ولبست تاج الشهرة في الأمم . - وراء الهامة غفرة كأنها اللامة ، هي اللبدة وهي عمامة أسامة . - دارت على وجه كوجه الموت بادي الشرة ، منقبض الأسرة ، ذي جبهة مغبرة ، كجبهة القتال مكفهرة . - وكأنها صفحة السيف ، تلقي الحتف دون الحيف . - في الجبهة عينان كاللهب ، في حجابين كالحطب . - بينهما أنف غليظ القصبة ، منتشر الأرنبة . - كأنه الأفعوان افترش الحجر ، أو اضطجع في هشيم الشجر . - حول الأنف كلحة ؛ كأنها خزانة أسلحة . - إذا انطبقت فعلى كوامن الغيوب ، وإذا انفتحت فعن القضاء بارز النيوب . - ومن عجب الخلق رأس كأنه صخرة ، أو كأنه أرومة يابسة نخرة . - ينهض به ساعد جدل ، لا هزيل ولا عبل . - كما تنهض أسطوانة الحديد على قلتها بالكثير الضخم من البناء . - وللأسد كف كأنها المدجج ، أو كأنها الحجر المدمج . - إذا مست فقار الفرس قطعت نظمه ، ونثرت لحمه وعظمه . - كل ذلك في إهاب أغبر ، وجلباب أكدر . - كأنما صنعا من القفر ، أو قطعا من الصخر ، أو كأنما كسيا لون الصحراء كما تكسى البوارج لون البحر . - وإذا قام على برثنه فتمثال ، وإذا انقض فهضب منهال . - وإذا تراءى بالسهل فدعامة ، وإذا طلع من الحزن فغمامة . |