بسم الله الرحمن الرحيم ( مقامات ابن الصيقل الجزري ) - مقامات ابن الصيقل على بلاغة إنشائها وفخامة بنائها = يتكرَّر فيها تركيبٌ إلى التفارط كثرةً ، وقد نبَّهت علماء البلاغة إلى أن تَكْرارَ هذا التركيب وكثرتَه : قد تُخِلُّ ببلاغة الكلام ، أو على الأهون : قد ينبو ويجفو عنه ذوق البلاغة الرفيعة ، هذا التركيب هو : (الإضافات المترادفات) ، أو (كثرة الإضافة) كما يترجم عنه في كتب البلاغة . - بَيْدَ أن مما يثير الاهتمام* ، ويسترعي تحديق الفكرة إليه : أن تلك سَجِيُّة علماء العجم في إنشائها ، وها هي فصيحةٌ بذلك مُقدِّماتُ عَضُدٍ وسَعْدٍ وسَيِّدٍ وجلالٍ وعصامٍ وغيرهم . - وعين الانتقاد لا تحدج (الإضافات المترادفات) خاصَّةً ؛ بل : كُلُّ تركيبٍ يتكرَّرُ في الكلام إلى غاية السآمة والملال يصير له غميزةً ودريئةً . - بل ؛: إن من بلغاء الرعيل الأول قبيلاً كان يتنكَّب السجع سبيلاً ، ومن العلماء من أخذ على التفتازانـي في المختصر قولَه في تأويل تركيب آيةٍ : (إن ذلك رعايةٌ للفاصلة) ، واستعظم منه هذا ، فأجاب : إن ذلك أول ما يتجَلَّى في الظاهِرْ ، وفي تضاعيف الأفكار كُلُّ معنًى باهِرْ ، وقد قال أحمد شوقي : ( مراعيًا لزوم ما لا يلزم - وتركه أليق بي وأحزم ! ) . - ومما يذكر بأحمد شوقي قول ابن الصيقل (يعقوب الحزن الناظر) ، فهو كقول أحمد : (عيسى الشعور) و(عمرو الأمور) ، وإضافة الأعلام إلى المصادر ليس أسلوبًا عربيًّا صميمًا . - وأُيَمِّمُ سُؤالاً إلى من في طَوْقه التفضُّل والتطوُّل بالإجابة عنه : هل الطبعة المنشورة من (مقامات ابن الصيقل) بتحقيق د.عباس الصالحي بها شرحٌ وافٍ أم لا ؟ ؛ فالمنقدح بالخاطر : كتابةٌ طُرَرٍ عليها لتفسير ألفاظها الغريبه ، وكشف معانيها المريبه ، ورشف سلاسيب أساليبها العجيبه ، وعليه التكلان . ----------------- ( طُرَّةً ) : أصل كلمات الاهتمام والمهم والأهم : الهم / بمعنى البلبال الحائك في الصدر من ضيقٍ وحُزْنٍ ، فالاهتمام : مصدر ، والمهم : اسم فاعل ، والأهم : اسم تفضيل ، لكن تُوُسِّع في استعمال الكلمة = ليشمل كُلَّ ما يشتغل به الفكر من الأمور ، يُقال : هذا الأمر من اهتمامي ؛ أي : مما يشتغل به فكري ويمتلأ خاطري . |