(1/4) طوبى للغرباء !     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
كان علم القراءات مشرقِيًّا ، حتى المئة الرابعة للهجرة ، فكان أول من أدخل علم القراءات للأندلس : أبو عمر أحمد الطلمنكي صاحب (( الروضة )) ، ثم جاءت زمر من الأندلسيين والمغاربة من أئمة القراءات والعربية معًا ، لكن تغلب في الذائع من سيرتهم شهرة أحد العلمين على الآخر مع تفوُّقهم في الجميع ، فمِمَّن غلبت عليه شهرة العربية : ابن مالك وأبو حيان وابن أم قاسم ومالك بن المرحل ... إلخ ، ومِمَّن غلبت عليه شهرة القراءات : القاسم بن فيره الشاطبي - وهو غير الشاطبي شارح ألفية ابن مالك - والجعبري والسمين الحلبي ... إلخ ، وَهَذِهِ أَبْيَاتٌ لِلشَّاطِبِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ وَغَفَرَ لَهُ- مِنْ مُقَدِّمَةِ نَظْمِهِ : ((حِرْزُ الأَمَانِي وَوَجْهُ التَّهَانِي)) فِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ ، وَمَعَانِيهَا كَبِيرَةٌ جَلِيلَةٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا . أَخِي أَيُّهَا الْمُجْتَازُ نَظْمِي بِبَابِهِ v يُنَادَى عَلَيْهِ كَاسِدَ السُّوقِ = أَجْمِلا ، وَظُنَّ بِهِ خَيْرًا ، وَسَامِحْ نَسِيجَهُ v بِالاِغْضَاءِ وَالْحُسْنَى وَإِنْ كَانَ هَلْهَلا ، وَسَلِّمْ لإِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إِصَابَةً ؛ v وَالاُخْرَى اجْتِهَادٌ ؛ رَامَ صَوْبًا فَأَمْحَلا، وَإِنْ كَانَ خَرْقًا فَادَّرِكْهُ بِفَضْلَةٍ v مِنَ الْحِلْمِ ؛ وَلْيُصْلِحْهُ مَنْ جَادَ مِقْوَلا، وَقُلْ صَادِقًا : لَوْلاَ الْوِئَامُ وَرُوحُهُ v لَطَاحَ الأَنَامُ الْكُلُّ فِي الْخُلْفِ وَالْقِلَى، وَعِشْ سَالِمًا صَدْرًا ، وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ v تُحَضَّرْ حِظَارَ الْقُدْسِ أَنْقَى مُغَسَّلا ، وَهَذَا زَمَانُ الصَّبْرِ ؛ مَن لَّكَ بِالَّتِي v كَقَبْضٍ عَلَى جَمْرٍ فَتَنْجُو مِنَ الْبَلا ؟!، وَلَوْ أَنَّ عَيْنًا سَاعَدَتْ لَتَوَكَّفَتْ v سَحَائِبُهَا بِالدَّمْعِ دِيمًا وَهُطَّلا ؛= وَلَكِنَّهَا عَنْ قَسْوَةِ الْقَلْبِ قَحْطُهَا ، v فَيَا ضَيْعَةَ الأَعْمَارِ تَمْشِي سَبَهْلَلا !، بِنَفْسِي مَنِ اسْتَهْدَى إِلَى اللهِ وَحْدَهُ ، v وَكَانَ لَهُ الْقُرْآنُ شِرْبًا وَمَغْسِلا ، وَطَابَتْ عَلَيْهِ أَرْضُهُ فَتَفَتَّقَتْ v بِكُلِّ عَبِيرٍ حِينَ أَصْبَحَ مُخْضَلا ، فَطُوبَى لَهُ ! ؛ وَالشَّوْقُ يَبْعَثُ هَمَّهُ ، v وَزَنْدُ الأَسَى يَهْتَاجُ فِي الْقَلْبِ مُشْعِلا، هُوَ الْمُجْتَبَى ؛ يَغْدُو عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ v قَرِيبًا غَرِيبًا مُسْتَمَالاً مُؤَمَّلا ، يَعُدُّ جَمِيعَ النَّاسِ مَوْلًى لأَنَّهُمْ v عَلَى مَا قَضَاهُ اللهُ يُجْرُونَ أَفْعُلا ، يَرَى نَفْسَهُ بِالذَّمِّ أَوْلَى لأَنَّهَا v عَلَى الْمَجْدِ لَمْ تَلْعَقْ مِنَ الصَّبْرِ وَالأَلا ، وَقَدْ قِيلَ : كُنْ كَالْكَلْبِ يُقْصِيهِ أَهْلُهُ ؛ v وَمَا يَأْتَلِي فِي نُصْحِهِم مُّتَبَذِّلا ، لَعَلَّ إِلَهَ الْعَرْشِ يَا إِخْوَتِي يَقِي v جَمَاعَتَنَا كُلَّ الْمَكَارِهِ هُوَّلا ، وَيَجْعَلُنَا مِمَّن يَّكُونُ كِتَابُهُ v شَفِيعًا لَّهُمْ إِذْ مَا نَسُوهُ فَيَمْحَلا ، وَبِاللهِ حَوْلِي وَاعْتِصَامِي وَقُوَّتِي ، v وَمَا لِيَ إِلاَّ سِتْرُهُ مُتَجَلِّلا ، فَيَا رَبِّ أَنْتَ اللهُ حَسْبِي وَعُدَّتِي ، v عَلَيْكَ اعْتِمَادِي ضَارِعًا مُتَوَكِّلا . |