مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : سنوات التكوين    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 عبدالرؤوف النويهى 
2 - أغسطس - 2009
عشتُ أبحث عن الثقافة والمثقفين ،عن الفكر والمفكرين ..
 
وعيتُ الدنيا ،وأكاد أزعم أننى ممسك بكتاب .
 
ربما كانت سنوات التكوين.. هى أخصب فترات العمر ..قرأتُ الكثير والكثير والكثير ..وحتى اللحظة أجد أن أعظم رفيق أسعد به وأعشقه ..الكتاب .
 
سنوات التكوين ..جميعنا .. عشناها ..
 
سأحاول الكتابة عن سنوات التكوين .
 
ما رأيكم ..لو فتح كل منا قلبه  واستدعى ذاكرته ..وكتب عن سنواته تكوينه الثقافى والفكرى والسياسى  ...إلخ؟؟


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
فى منزل الوحى    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
(1)
 
التربية الدينية ،عنصر أساسى فى سنوات التكوين ،يشب عليهاالإنسان ويشيخ بها .
والتربية الدينية قد أثرت فى تريبتى تأثيراً قوياً ،مما جعلنى ألتمس القوة من أعماق روحى وفيض وجدانى .

حفظت القرآن الكريم صغيراً ،وعبثتُ بمكتبة والدى ،فقرأت تفسير ابن كثير ،وفقه الإمام الشافعى وكتب التفاسير وكتب الشيخ محمد عبده والإمام المراغى والشيخ محمود شلتوت وكتب السنة ، كانت مكتبة ممتلئة بالدرر واللآلى واليواقيت .
حاولت الخروج من حصار والدى الفكرى والدينى وأردت الاطلاع على كتب أخرى إسلاميات العقاد والدكتور طه حسين وأحمد أمين والدكتور هيكل ،لكن كتاب الدكتور محمد حسين هيكل ،هذا السفر الضخم الذى يُعد من وجهة نظرى ،أروع وأعمق دراسة قرأتها شاباً فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى ،إذ سعيتُ سعياً حثيثاً لشراء أعمال الدكتور /محمد حسين هيكل ،حياة محمد وفى منزل الوحى والصديق أبو بكر والفاروق عمر ..واستطعت توفير ثمن ثلاثة منهم (حياة محمد ) ثم (فى منزل الوحى ) ثم (الصديق أبو بكر ).

كانت ثروة فكرية لا مثيل لها وعكفت أياماً وشهورأً وأنا ألتهم كتاب حياة محمد وفى منزل الوحى والصديق أبو بكر .
كان كتاب( فى منزل الوحى) ،الطبعة السادسة سنة 1974م ،مطبعة دار المعارف بمصر 684صفحة من القطع الكبير ،ومزوداً بالخرائط عن مكة والمدينة المنورة ، من أوائل الكتب التى أضاءت لى السبيل نحو مكة والمدينة وبقية الأماكن المقدسة .
ولم أكتف بهذا الكتاب ،فقرأت للأستاذ /إبراهيم عبد القادر المازنى ،كتيبه الصغير باسم (رحلتى إلى الحجاز) كنت فى حوالى التاسعة عشر من عمرى ،وكل جهدى قراءة ما كتب عن الإسلام والمسلمين ، ويشهد لى والدى ،المرحوم بإذن الله وفضله  ،على مكتبتى المحمدية ، فلم أكن أجد كتاباً بالعربية أو الفرنسية التى أُتقنها ،آنذاك ،إلا وابتعته مها كان ثمنه، كانت شخصية الرسول الكريم تأخذ بنفسى وعقلى.. مأخذاً جاداً وتأملاً عميقاً وتفكيراً متعمقاً .

شعرتُ شاباً فى مقتبل العمر، بعظمة الرسول الكريم وحبه وعطفه وكرمه وحنانه الدفاق ، وتأثيره علىّ تأثيراً عظيماً وكيف أن العقيدة والإيمان هما سر الحياة الإنسانية وروحها ومظهرها ،بل لا أبالغ لو قلتُ بل هما الحياة الإنسانية وسبب وجودها ،وما قيمة الحياة بدونهما ؟؟وماقيمة الإنسان بدونهما؟؟

أعتقد أن العقيدة والإيمان هما معاً أعظم قوة فى الحياة .
حيالهما لاقيمة لجاه أو مجد أو سلطة أو سلطان .
حيالهما تندك الرواسى الشم وتنهار الجبال الصلدة وتهمد أنفاس الطغاة .
عرفتُ وبقوة ..أن وجود الإنسان وقيمته مرهون بإيمانه وعقيدته .
عرفتُ ..أن ما من قوةٍعلى الأرض تُزعزع إيماناً راسخاً وعقيدةً ثابتة.
عرفتُ ..أن العقيدة والإيمان إذا خلا منهما إنسان ،كان هو والعدم سواء .
*عبدالرؤوف النويهى
2 - أغسطس - 2009
أحفاد الفراعين    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
(2)

منهج وفلسفة الإنسان فى مسيرة حياته..

بوضوح كافٍ ..أقول ..مارأيته فى طفولتى وصباى ..كان الدافع الأول والأخير، لاختيار الطريق الذى سأنتهجه مستقبلاً وأحرص عليه وأتمسك به .

الظلم ..الجهل ..المرض ..الفقر ..رباعية أمسكت بخناقى ولم تتركنى أبداً.. صارت منبع قلقى وبؤرة تمردى ومحط اهتمامى .

ما رأيته فى القرية والحياة الرديئة التى تُسيطر على العقول المغلقة ..جعلنى فى حالة صدام مع المجتمع بأكمله .

كنت الغريب والمتمرد والقلوق .."على قلقٍ كأن الريح تحتى "

همتُ باحثاً عن العدل والحرية والجمال .

همتُ أسعى وأنبش فى ماضينا العريق ..والسؤال إثر السؤال..

هل نحن فعلاً أحفاد الفراعين ..بناة الأهرام ؟؟

كان أول بحث أُقدمه فى المدرسة الإعدادية عن خوفو وهرمه الأكبر .
حضارة عريقة ضاربة الجذور فى التحضر والثقافة والمعتقدات والإنسانيات والآداب والأفكار .

كلما نظرت حولى ..أصطدم بما يُثير عقلى ويُشغل فكرى.

عشتُ طفولة لا أقول أنها طفولة.. فكما يقول جوركى .."طفولتى !! أنا ليس لى طفولة"
كان المد الثورى وعبدالناصر "ملأ الدنيا وشغل الناس" ثم أرى فقراً وجهلاً ومرضاً وظلماً وهزيمة ساحقة ماحقة..يعيثون فى طول البلاد وعرضها، فساداً وتخلفاً.

منظومة العدل والحرية والخير ..لابد أن تكون لكل الناس بلا استثناء .
كان سلاحى هو القراءة والتثقيف..فتحت عقلى لكل الثقافات ..ما رأيت كتاباً إلا وحرصت على قراءته..قد أفهم بعض ما فيه وقد لا أفهم.لكن فى نهاية الأمر.. أخرج منه بكلمة أو بفكرة.

الظلم ..لعنه الله ..ولعنة الله على الظالمين..رأيتُ أحد أجدادى يضرب أحد الفقراء بكرباج سودانى ،لأنه تجرأ وأعترض على تصرف ما .. صدر من أحد أبناء العائلة .والكرباج كالسيل المنهمر على جسد الرجل، الذى لم ينطق بحرف أويصرخ..رأيتُ الرجل كومة لحم تنزف.

رفضت الظلم بكافة أشكاله ..لعنت الظلم والظالمين ..حرصتُ فيما بعد ..على السعى نحو العدل، ما استطعت إليه سبيلا.

لابد من الحرية ..لابد أولاً وأخيراً..من حرية الإنسان من الفقر والجهل والمرض .
*عبدالرؤوف النويهى
2 - أغسطس - 2009
تذوق الشعر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
(3)

فى سنوات التكوين ، وبالمرحلة الثانوية ( سنة 1970م ) ..كان مقرراً علينا دراسة نص المتنبى .وأسهب المدرس شرحاً وتحليلاً فى أبيات المتنبى ..وأشار إلى أن المتنبى قد أخطأ وهو الشاعر الفحل ومن فحول شعراء العربية ..إذ أن المتنبى وقد عاب عليه سيف الدولة الحمدانى ترتيب صدروعجز البيتين.

وأذكر أننى ،آنذاك، قلتُ له : أن المتنبى قد صادف صحيح التركيب فى صدر البيتين وعجزهما ..وأن البيت الأول :

وقفت وما في الموت شك لواقف ** كأنك في جفن الردى وهو نائم


هو موقف الموت المحدق من كل جانب وأن الموت الذى يُلقى الرعب فى قلوب أعتى الشجعان ،والحرب الضروس قائمة والموت يحصد الأرواح .فكأن الموت وهو المسيطر على ساحة الحرب لايجرؤ على الإقتراب من سيف الدولة ..وكأنه يخشاه أو كما يقول المتنبى (نائم) .
فالموقعة يسيطر عليها الموت ،لكن الموت أبعد مايكون عن سيف الدولة .

أما البيت الثانى :

تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ** ووجهك وضاح وثغرك باسم

هذا البيت.. الهزيمة مقابل الفرح ،والابتسام مقابل الأحزان .
فكأن المتنبى يريد القول ..أن الهزيمة تحيط بالأعداء من كل صوب وحدب و"أبطال الأعداء" الذين يقاتلونه، وهم من هم فى الكر والفر والضرب والطعن ،يمرون أمامه تعلوهم الهزيمة الماحقة لقوتهم والسحقة لصمودهم .. ولكن أنت ياسيف الدولة بوجهك الضحوك وثغرك الباسم ..تؤكد النصر والانتصار .وكأنها لم تكن معركة حامية الوطيس وإنما نزهةخلوية .

حقيقةً.. كنت أحاول أن أقول ما دار بنفسى ..وأن تذوقى للشعر قد يخالف مادرج عليه القوم ،من تذوق واستمتاع .
وكان رد ه على ما قلته : ما أظن أن القدماء أخطأوا!!

ودارت الأيام وتقابلت مع الدكتور النويهى .. وحكيت له عما دار بشأن المتنبى .
فرد قائلاً:الشعر تذوق وما تشعر به أنت قد يرفضه غيرك ..لكن يبقى النص مفتوحاً للتأويل ..وبيان جمالياته وتماسكه وبلاغته وصورته الشعرية .

وربما كان كتابه الضخم "الشعر الجاهلى ..منهج لدارسته وتقويمه"محاولة جادة، منه ،لفتح آفاق جديدة لتذوق الشعر .
*عبدالرؤوف النويهى
2 - أغسطس - 2009
صبياً بجلباب فلاحى    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
(4)
 
صبياً بجلباب فلاحى ،يسحب الجاموسة ويمتطى ظهرالحمار وتحت ظلال الأشجار يقرأ ..
السماء فوقه والأفق شاسع .والهواء نظيف والطيور حواليه عصافير وحمام ويمام.
والعقل يسبح فى فضاء لانهائى..

سنوات التكوين .كان العقاد وطه حسين وزكى مبارك وإحسان عبدالقدوس وعبدالصبور ودنقل والسياب والبياتى وإمرىءالقيس والبحترى وبشار وأبى نواس وأبى العلاء شاعرى الأعظم والأخلد عبر عصور الشعر العربى والعالمى.

سنوات التكوين ونجيب محفوظ والكسندر ديماس الأب والابن.مارسيل بروست والبحث عن الزمن المفقود..الإلياذة والأوديسا ودرينى خشبة ونجيب محفوظ ومجنون القصة القصيرة يوسف إدريس ..حنا مينا الطيب صالح محمد ديب مولود فرعون الشابى والهمشرى وشوقى وحافظ..جان بول سارتر ..أسماء أعيشها وتعيش معى ..دوستوفيسكى وتشيخوف وبوشكين .....إلخ

أعظم سنوات العمر ..وأثرى سنوات العمر ..وأجمل سنوات العمر
إلا وهى سنوات التكوين ..وأزعم أنها ممتدة حتى هذه اللحظة الماثلة ..وبجوارى أصداء السيرة الذاتية لنجيب محفوظ وبريد بغداد لخوسيه ميجيل باراس الروائى التشيلى ..le spleen de "الضجر فى باريس"paris " لبودلير ..وديوان عشرون قصيدة حب وأغنية يأس لنيرودا..ومجلة إبداع المصرية العدد التاسع والصادر بعد الحكم بإلغاء ترخيصها.


*عبدالرؤوف النويهى
2 - أغسطس - 2009

 
   أضف تعليقك