مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : علي وبنوه    قيّم
التقييم :
( من قبل 3 أعضاء )
 زهير 
18 - نوفمبر - 2008
قضيت هذا المساء في البحث عن تراجم (علي السجاد) وبنيه.
وعلي السجاد لقب أطلق أول مرة على (علي بن عبد الله بن العباس) كما قال المبرد، وهو جد خلفاء بني العباس، ووالد ملوك العرب الثمانية، (محمد وسليمان وداود وعبد الله وصالح وعيسى وعبد الصمد وإسماعيل) وسوف أخصص هذا الملف لترجمة علي ومشاهير بنيه، متمنيا من الأخوة الأكارم مشاركتي في إماطة اللثام عن تاريخ هذه الأسرة المجيدة، وأنبه هنا إلى أن ابن حزم قد خص استوعب أخبار علي وبنيه في فصل مستقل من كتابه (جمهرة النسب) وأنقل هنا مقدمة كلامه، قال:
ولد عبد الله بن العباس: العباس؛ ومحمد؛ والفضل؛ وعبد الرحمن، لا عقب لواحد منهم؛
وعلي، وهو أصغرهم، وفيه الجمهرة والعدد والبيت والخلافة؛ ولا عقب لعبد الله من غير
علي؛ مات علي سنة 117، ومولده سنة 40 من الهجرة؛ وأمه زهرة بنت مشرح الكندية،
وسليط، لأم ولد، نفاه عبد الله بن العباس، ثم استلحقه، واتهم أخوه علي بقتله، فجلده
الوليد بن عبد الملك لذلك مائة سوط. وادعى أبو مسلم أنه عبد الرحمن بن سليط هذا
ابن عبد الله بن العباس، ولا عقب لسليط.
فولد علي بن عبد الله بن العباس:
 محمد، وفيه البيت والعدد والخلافة، أمه العالية بنت عبيد الله بن العباس؛ مات محمد سنة 122،وكان بينه وبين أبيه علي أربع عشرة سنة؛
وسليمان، صاحب البصرة، وفي ولده أيضاً ثروة ورياسة؛
 وداود، صاحب الحجاز،
وعبد الله، صاحب الشام، أمه لبنى، أم ولد؛
وصالح، صاحب مصر "وكانت في ولده أيضاً ثروة ورياسة، ولي الشام ومصر ولده بها، بحلب ومنبج وسلمية"، شقيق سليمان؛
وعيسى، صاحب فارس، شقيق داود؛
وعبد الصمد، صاحب الجزيرة،
وإسماعيل شقيق عبد الصمد، صاحب الكوفة.
لكل هؤلاء عقب وأولاد، غير هؤلاء ليس لهم عقب>
وأختم هذه المقدمة بترجمة علي في (وفيات الأعيان) قال:
(( أبو محمد علي بن عبد الله بن العباس به عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، وهو جد السفاح والمنصور الخليفتين؛ كان سيداً شريفاً بليغاً، وهو أصغر ولد أبيه، وكان أجمل قرشي على وجه الأرض وأوسمه وأكثره صلاة، وكان يدعى السجاد لذلك. وكان له خمسمائة أصل زيتون يصلي في كل يوم إلى كل أصل ركعتين، وكان يدعى " ذا الثفنات" هكذا قاله المبرد في " الكامل "، وقال أبو الفرج ابن الجوزي الحافظ: ذو الثفنات هو علي بن الحسين، يعني زين العابدين، وإنما قيل له ذلك لأنه كان يصلي في كل يوم ألف ركعة فصار في ركبتيه مثل ثفن البعير، ذكر ذلك في كتاب " الألقاب".
وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، افتقد عبد الله بن العباس، رضي الله عنه في وقت صلاة الظهر، فقال لأصحابه: ما بال أبي العباس لم يحضر الظهر? فقالوا: ولد له مولود، فلما صلى علي، رضي الله عنه قال أمضوا بنا إليه فأتاه فهناه فقال: شكرت الواهب، وبورك لك في الموهوب ما سميته? فقال: أو يجوز لي أن أسميه حتى تسميه? فأمر به فأخرج إليه فأخذه فحنكه ودعا له ثم رده إليه وقال: خذ إليك أبا الأملاك، وقد سميته علياً وكنيته أبا الحسن، فلما قام معاوية خليفة قال لابن عباس: ليس لكم اسمه وكنيته وقد كنيته أبا محمد، فجرت عليه هكذا قاله المبرد في " الكامل ".
وقال الحافظ أبو نعيم في كتاب "حلية الأولياء": إنه لما قدم على عبد الملك بن مروان قال له: غير اسمك وكنيتك، فلا صبر لي على اسمك وكنيتك قال: أما الاسم فلا، وأما الكنية فأكتني بأبي محمد، فغير كنيته؛ انتهى كلام أبي نعيم.
قلت أنا: وإنما قال له عبد الملك هذه المقالة لبغضه في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكره أن يسمع اسمه وكنيته.
وذكر الطبري في تاريخه إنه دخل على عبد الملك بن مروان فأكرمه وأجلسه على سريره وسأله عن كنيته فأخبره، فقال: لا يجتمع في عسكري هذا الاسم وهذه الكنية لأحد، وسأله: هل له من ولد? وكان قد ولد له يومئذ محمد بن علي، فأخبره بذلك فكناه أبا محمد.
وقال الواقدي: ولد أبو محمد المذكور في الليلة التي ولد فيها علي بن أبي طالب رضي الله عنه والله أعلم بالصواب.
وقال المبرد أيضاً: وضرب علي بالسياط مرتين كلتاهما ضربه الوليد بن عبد الملك: إحداهما في تزوجه لبابة ابنة عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. وكانت عند عبد الملك فعض تفاحة ثم رمى بها إليها، وكان أبخر فدعت بسكين فقال: ما تصنعين بها? فقالت: أميط عنها الأذى فطلقها فتزوجها علي بن عبد الله المذكور فضربه الوليد وقال: إنما تتزوج بأمهات الخلفاء لتضع منهم، لأن مروان بن الحكم إنما تزوج بأم خالد بن يزيد بن معاوية ليضع منه، فقال علي بن عبد الله إنما أرادت الخروج من هذا البلد وأنا ابن عمها فتزوجتها لأكون لها محرماً. وأما ضربه إياه في المرة الثانية فقد حدث أبو عبد الله محمد بن شجاع في إسناد متصل يقول في أخره رأيت: علي بن عبد الله يوماً مضروباً بالسوط يدار به على بعير ووجهه مما يلي ذنب البعير، وصائح يصيح عليه: هذا علي بن عبد الله الكذاب فأتيته وقلت ما هذا الذي نسبوك فيه إلى الكذب? قال: بلغهم عني أني أقول: إن هذا الأمر سيكون في ولدي، ووالله ليكونن فيهم حتى تملكهم عبيدهم الصغار العيون، العراض الوجوه الذي كأن وجوههم المجان المطرقة.
قلت: ذكر ابن الكلبي في كتاب " النسب " أن الذي تولى ضرب علي بن عبد الله بن العباس، رضي الله عنهم، هو كلثوم بن عياض بن وحوح بن قشير بن الأعور بن قشير، كان والي الشرطة للوليد بن مروان، ثم أنه تولى إفريقية لهشام بن عبد الملك وقتل بها وقال غير بن الكلبي: كان قتله في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ومائة.
وروى أن علي بن عبد الله دخل على سليمان بن عبد الملك، وهو غلط، بل الصحيح أنه هشام بن عبد الملك معه ابنا الخليفتان وهما السفاح والمنصور ابنا محمد بن علي المذكور، فأوسع له على سريره وبره وسأله عن حاجته فقال: ثلاثون ألف درهم علي دين فأمر بقضائها ثم قال له: وتستوصي بابني هذين خيراً ففعل، فشكره وقال: وصلتك رحم. فلما ولى علي قال هشام لأصحابه: إن هذا الشيخ قد اختل وأسن وخلط فصار يقول: إن هذا الأمر سينتقل إلى ولده، فسمعه علي فقال: والله ليكونن ذلك وليملكن هذان.
وكان علي المذكور عظيم المحل عند أهل الحجاز، حتى قال هشام بن سليمان المخزومي: إن علي بن عبد الله كان إذا قدم مكة حاجاً أو معتمراً عطلت قريش مجالسها في المسجد الحرام وهجرت مواضع حلقها ولزمت مجلسه إعظاماً وإجلالاً وتبجيلاً له، فإن قعد قعدوا وإن نهض نهضوا وإن مشى مشوا جميعاً حوله، ولا يزالون كذلك حتى يخرج من الحرم.
وكان آدم جسيماً له لحية طويلة، وكان عظيم القدم جداً لا يوجد له نعل ولا خف حتى يستعمله وكان مفرطاً في الطول، إذا طاف كأنما الناس حوله مشاة وهو راكب من طوله، وكان مع هذا الطول يكون إلى منكب أبيه عبد الله وكان عبد الله إلى منكب أبيه العباس وكان العباس إلى منكب أبيه عبد المطلب. ونظرت عجوز إلى علي وهو يطوف وقد فرع الناس - فرع بالعين المهملة: أي علا عليهم - فقالت: من هذا الذي فرع الناس? فقيل: علي بن عبد الله بن العباس، فقالت: لا إله إلا الله، إن الناس ليرذلون، عهدي بالعباس يطوف بهذا البيت كأنه فسطاط أبيض. ذكر هذا كله المبرد في "الكامل "، وذكر أيضاً أن العباس كان عظيم الصوت وجاءتهم مرة غارة وقت الصباح فصاح بأعلى صوته: واصباحاه، فلم تسمعه حامل في الحي إلا وضعت.
وذكر أبو بكر الحازمي في كتاب " ما اتفق لفظه وافترق مسماه " في أول حرف الغين في باب عانة وغابة، وقال: كان العباس بن عبد المطلب يقف على سلع، وهو جبل عند المدينة، فينادي غلمانه وهم في الغابة فيسمعهم، وذلك من آخر الليل، وبين الغابة وسلع ثمانية أميال.
وكانت وفاة علي بن عبد الله سنة سبع عشرة ومائة بالشراة بالحميمة وهو ابن ثمانين سنة. وقال الواقدي: ولد في الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وكان قتل علي، رضي الله عنه، في ليلة الجمعة سابع عشر شهر رمضان من سنة أربعين للهجرة، وقيل غير ذلك، وتوفي علي بن عبد الله سنة ثماني عشرة ومائة، وقال غير الواقدي: إن وفاته كانت في ذي القعدة، وقال خليفة بن خياط: مات في سنة أربع عشرة، وقال في موضع آخر: سنة ثماني عشرة، وقال غيره: سنة تسع عشرة، والله أعلم.
وكان يخضب بالسواد، وابنه محمد والد السفاح والمنصور يخضب بالحمرة، فيظن من لا يعرفهما أن محمداً علي وأن علياً محمد، رضي الله عنهما.
والشراة: بفتح الشين المعجمة والراء وبعد الألف هاء مثناة، صقع بالشام في طريق المدينة من دمشق بالقرب من الشوبك وهو من إقليم البلقاء وفي بعض نواحيه القرية المعروفة بالحميمة - بضم الحاء المهملة وفتح الميم وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الميم الثانية وبعدها هاء ساكنة - وهذه القرية كانت لعلي المذكور وأولاده في أيام بني أمية، وفيها ولد السفاح والمنصور وبها تربيا ومنها انتقلا إلى الكوفة، وبويع السفاح بالخلافة فيها كما هو مشهور - وسيأتي ذكر ولده محمد إن شاء الله تعالى))

 1  2 

*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
من ترجمة علي في كتاب الجوهرة للبري    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
وفي كتاب الجوهرة للبري: ترجمة مطولة لعلي بن عبد الله بن العباس نقتبس منها هذه السطور.
  
وحضر عليٌّ عبد الملك وقد أُهديت له من خراسان جارية وفَصٌّ وسيف فقال: يا أبا محمد، إن حاضر الهدية شريك فيها، فاختر من الثلاثة واحدا. فاختار الجارية وكانت تُسمَّى سُعدى، وهي من سبي الصُّغد من رهط عُجيف بن عَنبة. فأولدها سليمان بن علي وصالح بن علي. وكانت فيها رُتَّة، فكانت معروفة في ولد سليمان وولد صالح ...
ومات عليٌّ بالسَّراة سنة ثمان عشرة ومئة. وهو ابن ثمانين سنة، قاله الواقدي وقال غيره:
تُوفي سنة تسع عشرة ومئة. وولد عليُّ بن عبد الله بن عباس محمداً: أمُّه العالية بنت عبيد الله بن عباس، وأُمُّها عائشة بنت عبد الله ابن عبد المَدَان الحارثيِّ، وداود وعيسى لأمِّ ولد، وسليمان وصالحا لأمِّ ولد تُسمى سُعدى وإسماعيل وعبد الصَّمد لأُمِّ ولد، وعبد الله، وعبد الله، وعبد الله ثلاثة. وأحد هؤلاء العبادلة، اُمُّه أُمُّ أبيها بنت عبد الله بن جعفر وأمُّها ليلى بنت مسعود بن خالد النَّهشلي. والثاني أُمُّه بربرية اسمها هنَّادة، وهو الذي خالف على أبي جعفر فأرسل إليه أبو جعفر أبا مسلم، ثم حبسه أبو جعفر في بيت
جُعل أساسه مِلحا، ثم أطلق عليه الماء ليلا، فسقط عليه البيت فمات.
فأما محمد بن علي فكان من أجمل الناس وأعظمهم قدرا. وكان بينه وبين أبيه أربع عشرة سنة. وكان عليٌّ يخضب بالسواد ومحمد بالحمرة. فيظن من لا يعرفهما أن محمدا هو علي. ومات سنة اثنتين وعشرين ومئة، وفيها ولد المهديُّ. ويقال: مات سنة خمس وعشرين ومئة بالسَّراة من أرض الشام، وهو ابن ستين سنة، وخلفاء ولد العباس من ولده أبي جعفر فإن العباس لم يُعقِب وكان محمد يُنهى أن يتزوج في بني الحارث بن كعب، كان ينهاه عن ذلك خلفاء بني أمية لأنهم كانوا يرون في الحدثان أن صاحب الرايات السود الخارجة من خراسان من بني هاشم ثم من بني العباس أمُّه من بني الحارث بن كعب، فلما
قام عمر بن عبد العزيز جاءه فقال: يا أمير المؤمنين إني مُنعت أن أتزوَّج ابنة خالي من بني الحارث بن كعب. فقال عمر: تزوَّج رحمك الله من أحببت. فتزوجها، فأولدها أبا العباس أمير المؤمنين. وكان لأخوة محمد بن على ولأعقابهم شرف وصيت وولايات حين صارت لهم الدَّولة
*زهير
18 - نوفمبر - 2008
محمد بن علي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 وهذه ترجمة محمد بن علي، في وفيات الأعيان، وسوف أتبعها بكلام ابن حزم عن أولاد محمد بن علي:
قال ابن خلكان:
أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، وهو والد السفاح والمنصور الخليفتين - وقد تقدم ذكر والده في حرف العين -، قال ابن قتيبة: كان محمد المذكور من أجمل الناس وأعظمهم قدرا، وكان بينه وبين أبيه في العمر أربع عشرة سنة، وكان علي يخضب بالسواد ومحمد يخضب بالحمرة، فيظن من لا يعرفهما أن محمدا هو علي.
قال يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج بن يوسف الثقفي، سمعت الحجاج يقول: بينا نحن عند عبد الملك بن مروان بدومة الجندل في منتزه له ومعه قائف يحادثه ويسائله، إذ أقبل علي بن عبد الله بن العباس ومحمد ابنه، فلما رآه عبد الملك مقبلا حرك شفتيه وهمس بهما وانتقع لونه وقطع حديثه، قال الحجاج: فوثبت نحو علي لأرده، فأشار إلي عبد الملك أن كف عنه، وجاء علي فسلم فأقعده إلى جانبه، وجعل يمس ثوبه، وأشار إلى محمد أن اقعد، وكلمه وساءله، وكان علي حلو المحادثة، وحضر الطعام فأتي بالطست، فغسل يده وقال: أدن الطست من أبي محمد، فقال: أنا صائم، ثم وثب، فأتبعه عبد الملك بصره حتى كاد يخفي عن عينبه، ثم التفت إلى القائف فقال: أتعرف هذا? فقال: لا، ولكن أعرف من أمره واحدة، قال: وما هي? قال: إن كان الفتى الذي معه ابنه فإنه يخرج من عقبه فراعنه يملكون الأرض ولا يناويهم مناو إلا قتلوه، قال: فاربد لون عبد الملك، ثم قال: زعم راهب إيليا - ورأى عندي - انه يخرج من صلبه ثلاثة عشر ملكا، وصفهم بصفاتهم.
وكان سبب انتقال الأمر إليه أن محمد بن الحنيفية - وقد سبق ذكره - كانت الشيعة تعتقد إمامته بعد أخيه الحسين، رضي الله عنه، فلما توفي محمد بن الحنيفية انتقل الأمر إلى ولده أبي هاشم - وقد سبق ذكره أيضا في ترجمة أبيه - وكان عظيم القدر، وكانت الشيعة تتوالاه، فحضرته الوفاة بالشام في سنة ثمان وتسعين للهجرة ولا عقب له، فأوصى إلى محمد بن علي المذكور وقال له: انت صاحب هذا الأمر، وهو في ولدك، ودفع إليه كتبه وصرف الشيعة نحوه. ولما حضرت محمدا المذكور الوفاة بالشام أوصى إلى ولده إبراهيم المعروف بالإمام، فلما ظهر أبو مسلم الخراساني بخراسان دعا الناس إلى مبايعة إبراهيم بن محمد المذكور، فلذلك قيل له الإمام. وكان نصر بن سيار نائب مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية يومئذ بخراسان، فكتب إلى مروان يعلمه بظهور أبي مسلم يدعو لبني العباس. فكتب مروان إلى نائبه بدمشق بأن يحضر إبراهيم من الحميمة موثقا، فأحضره وحمله إليه وحبسه مروان بن محمد آخر ملوك بني امية بمدينة حران، فتحقق أن مروان يقتله، فأوصى إلى أخيه السفاح، وهو أول من ولي الخلافة من اولاد العباس، هذه خلاصة الأمر، والشرح فيه تطويل وبقي إبراهيم في الحبس شهرين، ومات وقيل قتل وكانت ولادة محمد المذكور سنة ستين للهجرة، هكذا وجدته منقولا، وهو يخالف ما تقدم من أن بينه وبين أبيه في العمر أربع عشرة سنة، فقد تقدم في تاريخ أبيه أنه ولد في حياة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أو في ليلة قتل علي، على الاختلاف فيه، وكان قتل علي في رمضان سنة أربعين، فكيف يمكن أن يكون بينهما أربع عشرة سنة? بل أقل ما يمكن أن يكون بينهما عشرون سنة. وذكر ابن حمدون في كتاب التذكرة أن محمدا المذكور مولده في سنة اثنتين وستين للهجرة، وتوفي محمد المذكور في سنة ست وعشرين، وقيل اثنتين وعشرين ومائة، وفيها ولد المهدي بن أبي جعفر المنصور، وهو والد هارون الرشيد، وقيل سنة خمس وعشرين ومائة بالشراة، وقال الطبري في تاريخه: توفي محمد بن علي مستهل ذي القعدة سنة ست وعشرين ومائة، وهو ابن ثلاث وستين سنة رحمه الله تعالى.
وقد تقدم الكلام على الشراة في ترجمة أبيه علي بن عبد الله.
وقال الطبري في تاريخه: في سنة ثمان وتسعين للهجرة قدم أبو هاشم عبد الله ابن محمد بن الحنفية على سليمان بن عبد الملك بن مروان فأكرمه، وسار أبو هاشم يريد فلسطين، فأنقذ سليمان من قعد له على الطريق بلبن مسموم، فشرب منه أبو هاشم فأحس بالموت، فعدل إلى الحميمة واجتمع بمحمد بن علي بن عبد الله بن العباس وأعلمه ان الخلافة في ولده عبد الله بن الحارثية - قلت: وهو السفاح - وسلم إليه كتب الدعاة وأوقفه على ما يعمل بالحميمة، هكذا قال الطبري، ولم يذكر إبراهيم الإمام، وجميع المؤرخين اتفقوا على إبراهيم، إلا أنه ما تم له الأمر، والله أعلم))
قال ابن حزم في الجمهرة:
ولد محمد بن علي: عبد الله أبا العباس، أمير المؤمنين؛ أمه ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان بن الديان بن قطن بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد؛ وعبد الله أبا جعفر المنصور، أمير المؤمنين؛ أمه سلامة أم ولد، قيل: نفزية، وقيل: صنهاجية، والعباس بن محمد؛ أصغر ولد أبيه، ولد قبل موت أبيه بعامين سنة عشرين ومائة؛ أمه أم ولد؛ وموسى بن محمد؛ وإبراهيم الإمام بن محمد؛ وهما أكبر ولد محمد؛ ويحيى بن محمد أمه بنت ببة، وهي أم الحكم بنت عبد الله ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب؛ وكان يحيى عاقاً بأبيه محمد؛ ولبابة بنت
محمد، تزوجها جعفر بن سليمان بن علي، فماتت عنده ولم تلد له.
أما أبو العباس السفاح، أمير المؤمنين، فأعقب بنين، أكبرهم محمد ولي البصرة، ومات عن غير عقب. ولا عقب لأبي العباس السفاح، ولا عقب أيضاً ليحيى أخيه، إلا أنه كان له ولد اسمه إبراهيم بن يحيى، هو الذي قتل أهل الموصل واستعرضهم بالسيف يوم الجمعة؛ فلم ينج منهم إلا نحو أربعمائة رجل، صدموا الجند، فأفرجوا لهم، ثم أمر بأن لا يبقى بالموصل ديك إلا يذبج، ولا كلب إلا يعقر؛ فنفذ ذلك. وقد ذكر أن أم سلمة المخزومية، امرأة أبي العباس السفاح، قالت له: يا أمير المؤمنين، لأي شيء استعرض ابن أخيك أهل الموصل بالسيف؟ فقال لها: وحياتك ما أدري! ولم يكن عند من إنكار الأمر إلا هذا.
وانقرض عقب إبراهيم وأبيه يحيى.
 وقال ابن حزم في أولاد إبراهيم بن محمد بن علي:
ولد إبراهيم الإمام: عبد الوهاب، مات مع أبي جعفر المنصور في يوم واحد بدمشق،
"مات" وهو واليها، وتوفي عن سبعة عشر ذكراً وسبع بنات؛ ومحمد، كانا صغيرين إذ قتل
أبوهما، وعاش محمد حتى أدرك دولة الرشيد.
منهم المعروف بابن عائشة، الذي قتله المأمون وصلبه، وهو إبراهيم بن محمد ابن عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام، وكان قد سعى في الخلافة؛
والزينبي، وهو عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام، ولى اليمن لموسى الهادي سنة، ينسب إلى جدته أم أبيه، وهي زينب بنت سليمان بن علي؛ ومن ولده كان المعروف بالزينبي وهو عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام، ولى البصرة للمعتز وحج بالناس؛ وكان له أخ اسمه سليمان؛ وفي ولايته ثار صاحب الزنج -لعنه الله- وكان ابن أختهما أبو بكر محمد بن موسى بن عبد الله بن محمد بن
إبراهيم الإمام، من كبار المقرئين ببغداد، من نظراء أبي بكر بن مجاهد وفي عصره معه.
وإبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام مات سنة 324، وكان
يروى "الموطأ" عن أبي المصعب عن مالك، وكان أبوه  والي المدينة للمتوكل. وأم موسى
القهرمانة التي كانت تدبر الأمور مع الوزراء والقواد أيام المقتدر، وتركب في المراكب إلى
الدار، هي بنت العباس بن محمد بن سليمان بن محمد بن إبراهيم الإمام؛ وأخوها أحمد
بن العباس، نقيب بني العباس
ولد موسى بن محمد بن علي بن عبد الله ابن العباس بن عبد المطلب
مات موسى في حياة أبيه، ولم يترك ولداً إلا عيسى؛ ولي العهد ولم يتم أمره، وولي الكوفة؛
وكان له من الولد نيف وثلاثون ذكراً وأنقى، منهم: موسى الأكبر ولده، وكان رفيع القدر،
ومن ولده: القاضي المالكي المعروف بابن أم شيبان، وهو محمد بن صالح بن علي بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي، ولي قضاء
بغداد للمطيع، وله كتاب جليل القدر في النسب، لم يؤلف مثله استيعاباً وكمالاً؛ وكان
يخاطب الحكم؛
ومنهم جعفر بن الفضل بن العباس بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، اجتمع في عصر واحد هو وعبد الصمد بن علي بن عبد الله ابن العباس أخي جد جد جده؛ وهم بالكوفة كثير؛
 ومنهم هارون بن محمد بن إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، ولي المدينة ومكة، وحج بالناس من سنة 263 إلى سنة 278 ولاء، ثم هرب من مكة عند الفتنة. فنزل مصر ومات بها؛ وألف نسب العباسيين وغير ذلك؛
 
ومحمد بن عبد الله بن محمد بن إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد ابن علي بن عبد الله بن العباس، محدث، صاحب صلاة مكة. مات سنة 327
وعقب عيسى بن موسى بالكوفة كثير.
 ولد العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس
منهم: الفضل بن عبد الملك بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن محمد ابن علي بن
عبد الله بن العباس، أقام الحج للناس سبع عشرة سنة متوالية في أيام المكتفي وأيام
المقتدر؛ وابنه أحمد.
ومنهم: عمر بن الحسن بن عبد العزيز ابن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، حج بالناس نحو عشرين سنة؛
 وإخوته محمد، وأبو بكر، وعثمان، وعلي، بنو الحسن بن عبد العزيز؛ وكان لهم قدر ببغداد، ورياسة عظيمة؛
وسكن عمر منهم مصر، وله بها عقب كثير؛
وكان له ابن اسمه عبد السميع؛ ولد عبد السميع بن عمر: جعفر، ويحيى، وعلي، وأحمد، ومحمد، لم يعقب محمد؛
وولد أحمد بن عبد السميع: عبد السميع، وإبراهيم، والحسن، وقثم؛ وولد يحيى بن عبد
السميع: عبد الكريم؛ وولد جعفر بن عبد السميع: هاشم؛ وولد علي بن عبد السميع،
وهو النقيب: سليمان، وإسماعيل؛ فولد سليمان: محمد، وجعفر، وعبيد الله؛ ومن ولده
سليمان بن علي بن عبد السميع بن عمر المذكور، وعن كتابه إلى أخذت كثيراً من
أنسابهم.
 ومن بني عمه: أحمد بن الفضل ابن عبد الملك بن عبد الله بن عبيد الله بن
العباس بن محمد، حج أيضاً بالناس سنين، وإلى العباس بن محمد كان ينتمي علي بن محمد
القرشي العباسي، ضيف الحكم وملوك بني أمية بالأندلس، وأدرك عندهم حالاً رفيعة؛
ولا عقب له؛ ولا أصل نسبه.
مضى ولد محمد بن علي بن عبد الله بن العباس
*زهير
18 - نوفمبر - 2008
سليمان بن علي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
ترجمة سليمان بن علي، في تاريخ الذهبي قال:
سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس ق بن عبد المطلب العباسي. أحد أعمام المنصور. روى عن أبيه وعكرمة. وعنه ابنه جعفر بن سليمان وعافية القاضي وسلام بن أبي عمرة ومحمد بن راشد المكحولي الأصمعي وآخرون، منهم ابنته زينب.
وكان شريفاً كبيراً جواداً ممدحاً، وقيل إنه كان يعتق في عشية عرفة مائة مملوك، وبلغت صلاته مرة في الموسم خمسة آلاف ألف درهم.
ولي البصرة للمنصور، ويقال: إنه سمع من سطح داره نسوة يغزلن يقلن: ليت الأمير اطلع علينا فأغنانا، فرمى إليهن جوهراً له قيمة ودهباً.
مات في جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين ومائة).
 
قال ابن حزم في الجمهرة:
ولد سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس هم بالبصرة كثير.
وكان لسليمان بن علي من الولد: محمد؛ لم يعقب؛ وجعفر؛ وعلي؛ وغيرهم كثير.
فولد لجعفر بن سليمان المذكور أربعون ذكراً وأربعون بنتاً؛ فمن ولده:
جعفر بن عبد الواحد بن جعفر بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان، قاضي القضاء بسر من رأى، ولزم الثغور، وكان فاضلاً؛ وله عقب، منهم: محمد بن عبيد الله، وقد ارتد، ثم راجع الإسلام، الفارس المشهور بطرسوس؛ وأبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد بن العباس بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان، قاضي البصرة، مات سنة 416،
وكان محدثاً، وبلغ نحو المائة عام؛ وكان أبوه قاضي االبصرة أيام بني اليزيدي وبعدهم؛ وكان عماه محمد ومحمد محدثين.
وكان عبد الرحيم، وأيوب، وسليمان، بنو جعفر ابن سليمان، قد شرفوا وولوا الأمصار، وكذلك كثير من ولد جعفر بن سليمان وأبنائهم؛ ومنهم إسماعيل بن جعفر بن سليمان الذي امتنع من لباس الخضرة أيام المأمون؛ وإبراهيم بن محمد بن إسماعيل المذكور، أمير البصرة يوم دخول صاحب الزنج بها، وفر ولحق بغداد، وولي مكة.
*زهير
18 - نوفمبر - 2008
داود بن علي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
قال ابن حزم في الجمهرة:
ولد داود بن علي بن عبد الله بن العباس
ولد داود بن علي ابنين؛ وهم: موسى بن داود؛ وسليمان بن داود؛ وداود بن داود؛ وعلي بن داود.
 فمنهم الفقيه "الإمام" المحدث الجليل أبو أيوب سليمان ابن داود بن علي
بن عبد الله بن العباس، وهو نظير أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وأمه أم ولد؛ وكان لسليمان الفقيه المذكور إخوة، وهم: محمد، وعبد الله، وعلي، والعباس، بنود داود بن داود، وأخوات ست متن أبكاراً كلهن، لم تنكح منهن واحدة. وكان لسليمان الفقيه من الولد إبراهيم، وأيوب، ومحمد، وأحمد، وجعفر، والقاسم؛ لم يبق لواحد من ولده عقب، إلا إبراهيم وحده؛ فله عقب. وذكر بعض المؤرخين أن حمزة بن إبراهيم بن أيوب بن سليمان بن داود ابن داود بن علي دخل مصر؛ وكان محدثاً. وكان لسليمان ثلاث بنات، أنكحهن من بني إخوته، ولهن عقب. ومنهم: عبد الله بن محمد بن موسى بن داود بن علي ابن
عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، ولي قضاء طبرستان وجرجان؛ وكان له طلب للحديث، ورحلة إلى الشام وغيرها؛ وصالح بن موسى بن داود بن علي، ولي البصرة للرشيد.
 
 
ترجمة داود بن علي في (التحفة اللطيفة) للسخاوي:
داود بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب: أبو سليمان الهاشمي العباسي، أمير مكة والمدينة، واليمن، واليمامة، والكوفة. ولي ذلك لابن أخيه أبي العباس السفاح، فالكوفة أولاً ثم البقية في سنة اثنتين وثلاثين ومائة. وفعل بالحرمين أفعالاً ذميمة، قتل من ظفر فيهما من بني أمية، بحيث قال له عبد الله بن الحسن بن الحسن: يا أخي إذا قتلت هؤلاء، فبمن تباهي بملكك ? أما يكفيك أن يروك غادياً ورائحاً فيما يسرك ويسوءهم ? فلم يقبل منه وقتلهم. وكان فصيحاً مفوهاً ومع ذلك لما صعد المنبر ليخطب: أرتج عليه، لكن نقل، أن أبا العباس السفاح، لما صعد ليخطب، فلم يتكلم، فوثب عمه صاحب الترجمة بين يدي المنبر فخطب. وذكر أمرهم وخروجهم، ومنى الناس، ووعدهم بالعدل، فتفرقوا عن خطبته. وذكر له صاحب العقد خطبتين بليغتين، إحداهما: خطب بها المدينة وساقها، وقد مدحه إبراهيم بن علي بن هرمة بأبيات لامية، ولم يلبث أن مات في ليلة من ليالي ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائة. ومولده سنة ثمان وسبعين. روى عن أبيه عن جده، وعنه الثوري، والأوزاعي، وابن جريج وغيرهم، ذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ
 
وقال ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة وفيات عام 133
وفيها توفي داود بن علي بن عبد الله بن العباس عم الخليفة السفاح. وكان ولي المدينة ومكة، وحج بالناس في سنة اثنتين وثلاثين ومائة؛ وهو أول أمير حج بالناس من بني العباس؛ وقتل داود هذا أيضاً في ولايته خلقاً من بني أمية وأعوانهم. ثم مات بعد أشهر واستخلف حين احتضر على عمله ولمده موسى، فاستعمل السفاح على مكة خاله زياداً المقدم ذكره، وموسى بن داود على إمرة المدينة لا غير
 
وقال في وفيات سنة 221
وفيها توفي سليمان بن داود بن علي بن عبد الله بن العباس، الأمير أبو أيوب الهاشمي العباسي؛ كان صالحاً زاهداً عفيفأ جواداً. قال الشافعي: ما رأيت أعقل من رجلين: أحمد بن حنبل وسليمان بن داود الهاشمي.
 
ومن أحفاده حمزة بن إبراهيم: قال الخطيب البغدادي:
حمزة بن إبراهيم بن أيوب بن سليمان بن داود أبو يعلى الهاشمي: حدث بمصر وأراه مات بها. حدثنا الصوري أنبأنا محمد بن عبد الرحمن الأزدي قال حدثنا عبد الواحد بن محمد بن مسرور حدثنا أبو سعيد بن يونس قال حمزة بن إبراهيم بن أيوب بن سليمان بن داود بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب يكنى أبا يعلى بغدادي قدم مصر كتبنا عنه عن أبي عمر الدوري وخلاد بن اسلم والحسن بن عرفة وغيرهم توفي في ذي الحجة سنة تسع وثلاثمائة ).
 
وفي تاريخ بغداد في أخبار أبي دلامة:
وقال أبو دلامة:
إني أعوذ بـداود وحـفـرتـه
 
من أن أكلف حجا يا ابن داود
نبئت أن طريق الحج معطـشة
 
من الطلاء وما شربي بتصريد
والله ما في من أجر فتطلـبـه
 
يوم الحساب وما ديني بمحمود
يعني داود بن داود بن علي بن عبد الله بن العباس وكان داود بن داود يتهم بالزندقة وكان أبو دلامة بعيداً منها وإنما عبث وتماجن.
 
وفيه ترجمة مطولة لسليمان بن داود بن داود، قال:
سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أبو أيوب الهاشمي:  كان داود بن علي مات وابنه حمل فلما ولد سموه باسمه داود. سمع سليمان بن عبد الرحمن بن أبي الزناد وإبراهيم بن سعد وإسماعيل بن جعفر وعبثر بن القاسم وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي وسفيان بن عيينة ومحمد بن إدريس الشافعي. روى عنه أحمد بن حنبل وهارون بن عبد الله الحمال وأبو يحيى صاعقة والحسن بن محمد الزعفراني وعباس بن محمد الدوري والحسن بن سلام السواق والحارث بن أبي أسامة وأحمد بن عبيد الله النرسي وإبراهيم الحربي وأحمد بن المعدل وكان ثقة.
أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي أخبرنا علي بن عبد العزيز البرذعي حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي حدثنا إبراهيم بن خالد الرازي قال: سمعت محمد بن مسلم يقول سمعت أبا الوليد الجارودي يقول: قدم علينا الشافعي فقال: ما خلفت بالعراق رجلين أعقل منهما سليمان بن داود وأحمد بن حنبل.
حدثني عبد العزيز بن علي الأزجي بلفظه من كتابه أخبرنا علي بن عبد العزيز البرذعي حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثنا إبراهيم بن خالد الرازي قال: سمعت محمد بن مسلم يقول: سمعت الحسن بن محمد بن الصباح يقول: قال لي الشافعي: ما رأيت أعقل من رجلين أحمد بن حنبل وسليمان بن داود الهاشمي.
أخبرنا علي بن طلحة المقرئ أخبرنا أبو الفتح محمد بن إبراهيم الطرسوسي أخبرنا محمد بن محمد بن داود الكرجي أخبرنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قال: بلغني عن محمد بن مسلم بن وارة قال: سمعت سليمان بن داود الهاشمي يقول: ربما أحدث بحديث ولي نية فإذا أتيت على بعضه تغيرت نيتي وإذا الحديث الواحد يحتاج إلى نيات.
وقال بن خراش: بلغني عن أحمد بن حنبل قال: لو قيل لي اختر للأمة رجلاً استخلفه عليهم استخلفت سليمان بن داود الهاشمي.
أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر حدثنا الوليد بن بكر حدثنا علي بن أحمد بن زكريا حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد قال: حدثني أبي قال: سليمان بن داود الهاشمي ثقة كان يسكن بغداد.
أخبرني الأزهري حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة حدثنا جدي قال: سليمان بن داود الهاشمي كان صدوقاً ثقة.
حدثني محمد بن يوسف القطان النيسابوري أخبرنا الخصيب بن عبد الله القاضي أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي أخبرني أبي قال: أبو أيوب سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبد الله بن عباس ثقة مأمون سكن بغداد.
أخبرني الحسن بن محمد الخلال قال: قال أبو الحسن الدارقطني: سليمان بن داود الهاشمي ثقة. أخبرنا الجوهري حدثنا محمد بن العباس أخبرنا أحمد بن معروف حدثنا الحسين بن فهم حدثنا محمد بن سعد قال: سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبد الله بن العباس توفي ببغداد سنة تسع عشرة ومائتين وكان ثقة.
أخبرنا الصيمري حدثنا علي بن الحسن الرازي حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني أخبرنا أحمد بن زهير قال: سليمان بن داود الهاشمي توفى سنة تسع عشرة ومائتين.
أخبرنا بن الفضل أخبرنا جعفر الخلدي حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: مات سليمان بن داود الهاشمي سنة تسع عشرة ومائتين ببغداد.
أخبرني الحسن بن أبي بكر قال: كتب إلى محمد بن إبراهيم الجوري أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم حدثنا أحمد بن يونس الضبي قال: حدثني أبو حسان الزيادي قال: سنة عشرين ومائتين فيها مات سليمان بن داود بن داود بن علي الهاشمي
 
ومن أحفاده في تاريخ بغداد عبد الوهاب بن العباس:
عبد الوهاب بن العباس بن عبد الوهاب بن علي بن عبد الله بن علي بن داود بن علي بن عبد الله بن العباس أبو محمد الهاشمي: حدث عن أحمد بن يحيى الحلواني وأحمد بن الحسين بن إسحاق الصيرفي روى عنه ابن الثلاج وأبو نصر محمد بن أبي بكر الإسماعيلي الجرجاني وأبو نعيم الحافظ وكان ينزل الجانب الشرقي عند مقبرة الخيزران.
أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني الحافظ حدثنا عبد الوهاب بن العباس بن عبد الله بن علي بن داود بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي ببغداد حدثنا أحمد بن الحسين الصوفي الصغير حدثنا بشر ابن الوليد حدثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن أبي وائل عن المغيرة بن شعبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بال في سباطة قوم قائماً
*زهير
18 - نوفمبر - 2008
عيسى بن علي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
قال ابن حزم في الجمهرة:
(( ولد عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس
كان له من الولد: إسحاق بن عيسى، تزوج بنت أمير المؤمنين المنصور؛
وإسماعيل؛ ويعقوب؛ وصالح؛ وعلي، وله عقب ببغداد وغيرها، لم يكن منهم مشهور فيذكر))
 
ترجمة عيسى: في مختصر تاريخ دمشق
عيسى بن علي بن عبد الله ابن عباس بن عبد المطلب بن هاشم أبو العباس ويقال: أبو موسى الهاشمي اخو محمد وداود وعبد الصمد وسليمان قدم دمشق.
حدث عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمن الخيل في شقرها.
وفي رواية: ميامن الخيل في شقرها.
وحدث عن أبيه، عن جده قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كلما جلس للصلاة استن.
كان عيسى بن علي من أهل السلامة والعافية، وكان لأم ولد، ولم يل لأهل بيته عملاً حتى توفي في خلافة المهدي؛ وولد سنة ثلاثٍ وثمانين، وستين ومئة وله ثمانون سنة. وقيل: ولد سنة إحدى وثمانين وتوفي سنة أربعٍ وستين ومئة، وأمه بربية اسمها لبابة. وقيل: توفي سنة ستين ومئة.
قال الرشيد لابنه: كان أبو العباس عيسى بن علي راهبنا وعالمنا أهل البيت.
قال جعفر بن سليمان: سمعت عيسى بن علي يقول في مرضةٍ مرضها، وعاده الناس بمدينة السلام: إن في قصري الساعة لألف محمومة
 
*زهير
18 - نوفمبر - 2008
إسماعيل بن علي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
قال ابن حزم في الجمهرة:
ولد إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس
كان له ولد كثير؛ منهم: أحمد بن إسماعيل، وله عقب بمكة وغيرها، ولي مصر وغيرها))
 
وانظر حديث ابن تغري بردي المفصل عن ولاية ابنه أحمد بن إسماعيل على مصر سنة 188 (ص 183) من نشرة الوراق لكتابه النجوم الزاهرة... قال: واستمر أحمد هذا على إمرة مصر إلى أن صرف عنها بعبد الله بن محمد العباسي في يوم الاثنين لثمان عشرة خلت من شعبان سنة تسع وثمانين ومائة ؛ فكانت ولايته على إمرة مصر سنتين وشهراً ونصف شهر.
 يبدو أن ابن تغري بردي اخطأ إذ جعل أحمد بن إسماعيل بن صالح، (أحمد بن إسماعيل بن علي)انظر فيما يأتي ترجمة إسماعيل بن صالح.
 
وفي ( نسب قريش) لمصعب:
(وولد عبد الله بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: محمداً، وهو الأرقط؛ وكان يشبه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وكلثم؛ وعلية، لأم ولد؛ والقاسم؛ والعالية؛ وإسحاق، لأم ولد.
كانت كلثم عند إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب؛ فولدت له علياً، وأم عبد الله الكبرى؛ ثم فارقها؛ فخلف عليها الحسين بن زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب؛ فولدت له علياُ الأكبر، درج، وميمونة، وعلية، ومليكة؛ توفيت عنده. وكانت علية عند عبد الله بن جعفر بن محمد؛ فولدت له فاطمة.)
ومن أحفاده نقيب الهاشميين بمكة: أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز، ترجم له الذهبي في وفيات عام 554 قال:
أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن علي بن إسماعيل بن سليمان بن يعقوب بن إبراهيم بن محمد بن الأمير إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس. أبو جعفر العباسي، المكي، نقيب الهاشميين بمكة.
سمع من: أبي علي بن عبد الرحمن الشافعي، وغيره، وأبي مكتوم عيسى بن أبي ذر، وعبد القاهر بن عبد السلام العباسي المقرئ. ورد بغداد وحدث بها وبإصبهان. وولد سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة.
وتوفي في شعبان.
قال أبو سعد: شيخ، ثقة، صالح، متواضع، ما رأيت في الأشراف مثله. قدم علينا إصبهان، وأنا بها، لدين ركبه ومعه خمسة أجزاء فسمعت منه. وسمع في الكهولة ونسخ الكتب. ثم قدم إصبهان راجعاً من كرمان في سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.
قلت: تفرد في وقته عن أبي علي الشافعي.
روى عنه: ابن عساكر، والقاضي أبو المعالي أسعد بن المنجا، وثابت بن مشرف، وعبد السلام بن عبد الله الداهري، وأبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي، وطائفة.
وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقير.
وسماعه من الشافعي في الخامسة من عمره فإنه قال: ولدت في إحدى الجمادين سنة ثمانٍ وستين.
وهو من أولاد إسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس.
قال ابن النجار: كان صدوقاً، زاهداً، عابداً. قرأت بخطه قال: سمعت الحديث من أبي علي الشافعي سنة اثنتين وسبعين ولي من العمر سبع سنين.
قلت: وهذا مخالف لما مر
 
ومن أحفاده العباس بن أحمد الشافعي له ترجمة في مختصر تاريخ دمشق، قال:
العباس بن أحمد بن محمد ابن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب المعروف بالشافعي حدّث سنة سبعين وثلاث مئة عن مكحول بسنده عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُ عمل منقطع عن صاحبه إلاّ المرابط في سبيل الله، فإنه يجري عليه عمله، ويجري عليه رزقه إلى يوم الحساب".
وحدّث عن عثمان بن عبد الله بن عفان الجرجرائي المعروف بالغسُولي بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلاّ بوليّ، والسلاطن ولي من لاولي له".
توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاث مئة. وكان زاهداً فاضلاً.
 
ومن أحفاده عبد الله بن الحسن، له ترجمة في مختصر تاريخ دمشق، قال:
عبد الله بن الحسن بن محمد ابن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أبو العباس الهاشمي، ويقال أبو جعفر السامري. سمع بدمشق والعراق.
وحدث عن يزيد بن هارون بسنده عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع من كن فيه فهو منافق، وإن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر.
وحدث عن هشام بن عمارة بسنده إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان لزنباع عبد يسمى ابن سندر؛ فوجده يقبل جارية له، فأخذه فجبه وجدع أنفه وأذنيه، فأتى ابن سندر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى زنباع فقال: لا تحملوهم ما لا يطيقون، وأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، فما كرهتم فبيعوا، وما رضيتم فأمسكوا، ولا تعذبوا خلق الله.
مات عبد الله بن الحسن بسر من رأى في سنة سبع وسبعين ومئتين
 
وفي المنتظم وفيات سنة 277:
عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس أبو العباس الهاشمي من أهل سر من رأى، حدث عن يزيد بن هارون وشبابة، وروح وعفان. روى عنه: أحمد بن عيسى الخواص، وكان ثقة. توفي بسر من رأى في هذه السنة.
 
 وفي الأغاني في ترجمة حماد عجرد:
أخبرني يحيى بن علي بن يحيى إجازة عن أبيه عن إسحاق قال: قال حماد عجرد في داود بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس يمدحه ويعزيه عن ابن مات له ويستجيزه:
إن أرجى الأنام عـنـدي وأولا
 
هم بمدحي ونـصـرتـي داود
إن يعش لي أبو سليمـان لا أح
 
فل ما كادني بـه مـن يكـيد
هد ركني فقدي أباك فـقـد شد
 
د بك اليوم ركني الـمـهـدود
قائل فـاعـل أبـي وفـــي
 
متلف مخلف مـفـيد مـبـيد
وفتى السن في كمال ابن خمسي
 
ن دهـاء وإربة بـــل يزيد
مخـلـط مــزيل أريب أديب
 
راتق فاتـق قـريب بـعـيد
وهو الذائد المـدافـع عـنـي
 
وعزيز مـمـنـع مـن يذود
*زهير
18 - نوفمبر - 2008
عبد الله بن علي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
قال ابن حزم في الجمهرة:
ولد عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس كان له اثنا عشر ذكراً، منهم: محمد بن عبد الله، كان جليساً للمهدي، وكان متزوجاً بريطة بنت أبي العباس السفاح، فخلعها منه المنصور وزوجها ابنه المهدي. وعقبه كثير، ولم يكن منهم مشهور إلا هارون بن العباس بن عيسى ابن عبد الله بن علي، كان محدثاً،
مات بالمدينة سنة 275؛ ومحمد بن عيسى ابن محمد بن عبد الله بن علي، كان محدثاً، يعرف بالبياضي))
 
قال ابن تغري بردي في وفيات سنة 147:
وفيها توفي عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي عم الخليفة أبي جعفر المنصور، وأمه بربرية يقال لها هنادة ؛ ولد سنة ثلاث ومائة وقيل: آثنتين ومائة في آخر ذي الحجة. وهو الذي هزم مروان الحمار بالزاب وتبعه إلى دمشق وفتحها وهدم سورها وجعل جامعها سبعين يوماً لدوابه وجماله، وقتل من أعيان بني أمية ثمانين رجلاً بنهر أبي فطرس من أرض الرملة، ثم ولي دمشق للسفاح؛ فلما ولي المنصور خرج عليه عبد الله ودعا لنفسه فهزمه أبو مسلم الخراساني فشفع له إخوته وأخذوا له أمانا من الخليفة أبي جعفر المنصور، فلما قدم عليه حبسه مدة حتى مات في حبسه ؛ قيل: إن أبا جعفر المنصور بنى له داراً حبسه فيها وجعل في أساسها ملحاً، فلما سكنها عبد الله وحبس فيها أطلق عليها ماء فذاب الملح فوقعت الدار عليه فمات
وقال ابن خلكان في ترجمة أبي الحسن الصابي هلال بن المحسن:
وكان ولده غرس النعمة أبو الحسن محمد بن هلال المذكور ذا فضائل جمة وتآليف نافعة، منها التاريخ الكبير المشهور، ومنها الكتاب الذي سماه: الهفوات النادرة من المغفلين الملحوظين، والسقطات الباردة من المغفلين المحظوظين " جمع فيه كثيراً من الحكايات التي تتعلق بهذا الباب، فمما نقلته منه أن عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنه - وهو عم السفاح وأبي جعفر المنصور - أنفذ إلى ابن أخيه السفاح في أول ولايتهم مشيخةً من اهل الشام يطرفه بعقولهم واعتقادهم، وأنهم حلفوا أنهم ما علموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة يرثونه غير بني أمية حتى وليتم أنتم.
 
ومن أحفاده الشريف البياضي الشاعر، قال ابن خلكان:
الشريف أبو جعفر مسعود بن عبد العزيز بن المحسن بن الحسن بن عبد الرزاق البياضي، الشاعر المشهور، هكذا وجدته بخط بعض الحفاظ المتقينن، ورأيت في أول ديوانه أنه أبو جعفر مسعود بن المحسن بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم  (انظر بقية ترجمته في وفيات الأعيان)
*زهير
18 - نوفمبر - 2008
عبد الصمد بن علي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
قال ابن حزم:
ولد عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس
كان له عشرة ذكور، ولم يشهر منهم أحد؛ وله عقب: منهم كان أبو العبر الشاعر الماجن، وهو أبو العباس محمد بن أحمد، الملقب بحمدون الحامض، بن عبد الله بن عبد الصمد بن علي: كان جليساً للمتوكل، وولد لخمس سنين خلت لولاية الرشيد، ومات في زمن المعتز)).
 
ترجمة عبد الصمد من وفيات الأعيان قال:
أبو محمد عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي؛ ذكر الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب " شذور العقود " أنه كانت فيه عجائب، منها أنه ولد في سنة أربع ومائة، وولد أخوه محمد بن علي والد السفاح والمنصور في سنة ستين للهجرة، فبينهما في المولد أربع وأربعون سنة، وتوفي في سنة ست وعشرين ومائة، وتوفي عبد الصمد المذكور في سنة خمس وثمانين ومائة، فكان بينهما في الوفاة تسع وخمسون سنة، ومنها أنه حج يزيد بن معاوية في سنة خمسين للهجرة وحج عبد الصمد بالناس سنة خمسين ومائة، وهما في النسب إلى عبد مناف سواء، لأن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، فبين يزيد وعبد مناف خمسة أجداد، وبين عبد الصمد وعبد مناف خمسة، لأن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ومنها أنه أدرك السفاح والمنصور وهما ابنا أخيه، ثم أدرك المهدي بن المنصور وهو عم أبيه، ثم أدرك الهادي وهو عم جده، ثم أدرك الرشيد وفي أيامه مات. وقال يوما للرشيد: يا أمير المؤمنين، هذا مجلس فيه أمير المؤمنين وعم أمير المؤمنين وعم عم أمير المؤمنين وعم عم عمه، وذلك أن سليمان بن أبي جعفر عم الرشيد، والعباس عم سليمان، وعبد الصمد عم العباس. ومنها أنه مات بأسنانه التي ولد بها، ولم يثغر، وكانت قطعة واحدة من أسفل. وذكر ابن جرير الطبري في تاريخه أن عبد الصمد المذكور ولد في رجب سنة ست ومائة، ومات في جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين ومائة. وقال غيره: كانت وفاته ببغداد، وقال غيره: ولد في سنة تسع، وقيل في سنة خمس بالحميمة من أرض البلقاء، والله أعلم. وأمه كبيرة التي يقول فيها عبيد الله بن قيس الرقيات الشاعر المشهور قصيدته التي أولها:
عاد له من كبيرة الطرب
وعمي في أخر عمره.
يقال: ثغر الصبي يثغر فهو مثغور، إذا سقطت أسنانه، وإذا نبتت قيل قد اثغر، واتغر، بالثاء والتاء مع التشديد فيهما -وسيأتي ذكر والده وأخيه إن شاء الله تعالى
*زهير
18 - نوفمبر - 2008
صالح بن علي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تكلم ابن حزم في الجمهرة، عن صلح وبنيه قبل كلامه عن ولد عبد الصمد، ولكني اخرت انا ذلك لأني أردت أن اطوّل في الحديث عن صالح وبنيه، لأن في اخباره واخبار بنيه صدق ما قال ديورانت في (قصة الحضارة) (ما دخل العرب أرضا إلا عمّروها، وما دخل الإنكليز أرضا إلا سرقوها) فأما آثار صالح وبنيه فتحتاج ان يفرد لها كتاب يختص بها كما سنرى في تعليقات لاحقة:
قال ابن حزم
ولد صالح بن علي بن عبد الله بن العباس
كان له من الولد جماعة، منهم: عبد الملك بن صالح (1) وكان في غاية الرفعة والتصاون، وكان يتهم أنه من ولد مروان بن محمد، وأن صالح بن علي أخذ أمه من مروان إذ قتل، وهي نسوء منه، واتخذها لفراشه؛ فولده له عبد الملك؛ وكان عبد الملك جليل القدر جداً.
فولد عبد الملك: عبد الرحمن، الذي نعى أباه عند الرشيد حتى نكب وحبس: ومن ولده:
محمد بن عبد الملك بن صالح ابن علي، وكان من جلة قومه الذين مدحهم حبيب والبحتري. ولصالح عقب كثير؛ وكانت ديارهم بمنبج وأعمال حمص وقنسرين، منهم:
الفضل بن عبد الله بن الفضل بن صالح بن عبد الله بن صالح بن علي بن عبد الله بن
العباس، محدث، سكن بيت المقدس؛ وابن عمه أحمد بن محمد بن الحسين ابن صالح،
أخي الفضل بن صالح المذكور "مات عبيد الله القائم بالقيروان أيام سكناه بسلمية"، وأخي
أبي القاسم ابنه من الرضاعة وأعرف الناس به؛ وعنه أخذ نسبه على صحة))
وقال اليعقوبي في البلدان (نشرة الوراق ص 37) أثناء حديثه عن بلاد الشام وما فيها من المدن:
(وسلمية وهي مدينة في البرية، كان عبد الله بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابتناها وأجرى إليها نهراً، واستنبط أرضها حتى زرع فيها الزعفران، وأهلها من ولد عبد الله ابن صالح الهاشمي ومواليهم، وأخلاط من الناس تجار وزراعين)
 

وفي بغية الطلب لابن العديم (نشرة الوراق ص 7) في مقدمة حديثه عن حلب:

(فأما أهلها فهم أخلاط من الناس من العرب والموالي، وكانت بها خطط لولد صالح بن علي بن عبد الله بن عباس، وتأثلت لهم بها نعمة ضخمة، وملكوا بها نفيس الأملاك، وكان منهم من لحقت بقيتهم بنو القلندر فإنني شاهدت لهم نعماً ضخمةً، ورأيت لهم منازل في نهاية السرو).
وفيه ص (157)

وأما من نزل من قريش بحلب وأعمالها، فمن بني هاشم: صالح بن علي بن عبد الله بن عباس نزل ظاهر حلب، وابتنى به قصره المعروف ببطياس وكان على الرابية المشرفة على النيرب من جهة الغرب والشمال، وكان عن يسار المتوجه من حلب إلى النيرب، وموضع اصطبله عن يمين المتوجه، والطريق بينهما، ودثر القصر ولم يبق منه إلا الآثار، ويجد الناس في موضعه شيئاً من الفسيفساء وكسور الرخام.
وولد لصالح عامة أولاده به، وبقي من أولاده عيسى بحلب بعده، ووقف بها وقوفاً على ولده، فولده بحلب إلى زمننا وأوقافهم عليهم، وسنذكر إن شاء الله صالحاً وولد في كتابنا هذا.
ونزل من ولده عبد الملك بن صالح بمنبج وابتنى بها قصراً وبستاناً وولده إلى اليوم بمنبج، وبستان القصر بأيديهم إلى اليوم.
قال النسابة محمد بن أحمد بن عبد الله الأسدي في كتاب ديوان العرب: وأما صالح بن علي بن عبد الله بن العباس فأمه يقال لها سعدى، وهي أم ولد يعرف ولدها ببني سعدى، وأنه طلع إلى الشام بأرض حلب فولد هناك سبعة عشر ذكراً من صلبه، منهم بظاهر حلب ومنهم بحلب، والعقب في العشرة إلى اليوم: الفضل بن صالح، وإسماعيل بن صالح، وعيسى بن صالح، وعلي بن صالح، وعبد الملك بن صالح، ويعقوب بن صالح، وسليمان بن صالح، وداود بن صالح وإبراهيم بن صالح، وعبد الله بن صالح. ذلك كل واحد منهم قد ولد بطناً وهم أهل مدر لا وبر.
وأما ولد صالح فهو ممن علا أمره في بلد حلب وعظم قدره وملك منها الضياع والعقار والعبيد مثل صباح، ومطرف، ولؤلو، وبدر، وغير ذلك من العبيد حتى لحقوا مواليهم في النسب.
قال: وعقبهم إلى يومنا هذا لاحق بهم، عليهم الوقوف، وقوف مواليهم مثل الزامر وغيره بأرض دمشق وغير ذلك من أرض الشام إلى سنة ثلاثمائه وعشرين، ثم غلب على الأمر غيرهم.
قلت: ومن أوقاف مواليهم وقف بني فضال، وبني الصفري والطشتي كل هؤلاء من موالي صالح وبنيه، وعوام حلب ورعاعها يقولون: إن وقف الزامر وقف على ولد الذي زمر بين يدي رأس الحسين عليه السلام، ووقف الطشتي على الذي حمل رأسه في الطشت، ووقف الصفرية على بني الذي صفر بين يديه، ووقف بني فضال على بني المتفضله، وهي امرأة أبدت ضوئها لرأسه عليه السلام حين قدم حلب به يطوفون به، وهذا لا أصل له ولا صحه، والصحيح ما ذكرناه.

ونزل من ولد عبد الملك بن صالح بأنطاكية الفضل بن صالح بن عبد الملك بن صالح، فلما ولي سيما الطويل أنطاكية قبض عليه وعلى ولده ودفنهما حيين في صندوقين، فبصر رجل بالصندوق الذي كان ولد الفضل فيه فظنه مالاً، فحفر عليه واستخرجه وبه رمق، وعاش بعد ذلك عشرين سنة وثلث.
والموجودون الآن بمنبج وحلب من ولد صالح بن علي، بنو عيسى بن صالح، وبنو عبد الملك بن صالح من نسل عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح، وسنذكر من أخبارهم ما فيه كفاية إن شاء الله تعالى)

وقال (ص 127):

(وكان صالح بن علي بن عبد الله بن عباس قد ولي الشام جميعه، فاختار حلب لمقامه، وابتنى له بظاهرها قصر بطياس وهو من غربي النيرب وشماليه، وولد له به عامة أولاده، كل هذا لما اختصت به هذه البلاد من الصحة والاعتدال، وكذلك الحصانة.
قرأت في كتاب نسب بني العباس تأليف أبي موسى هرون بن محمد بن اسحق بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس: أن إبراهيم بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس لما مات وكان أولاده بفلسطين قال: فأمر الرشيد عبد الملك بن صالح بحمل ولد إبراهيم جميعاً من فلسطين إلى حلب من مال أمير المؤمنين لاجتماع ولد صالح بن علي بها ولأنها حصينة منيعة، وأن يجري عليهم من الأرزاق ما أمر به لهم، فحملهم عبد الملك بن صالح جميعاً من فلسطين إلى حلب، فلم يزالوا بها إلى أن توفي الرشيد، ثم افترقوا.
وأما غير هؤلاء من الملوك العظام أرباب الممالك الواسعة والبلاد الشاسعة الذين تركوا سائر بلادهم، واختاروا المقام بحلب قراراً، وجعلوها مسكناً لهم وداراً، فأكثر من أن يحصون)

وقال ابن العديم في ترجمته لمدينة أذنة :

قرأت بخط ياقوت بن عبد الله الحموي قال: ولأذنه نهر سيحان وعليه قنطرة حجارة عجيبة بين المدينة وبين حصن مما يلي المصيصة، وهو شبيه بالربض، والقنطرة معقودة على طاق واحد، ولأذنه ثمانية أبواب، وسور وخندق.
وقال: قال ابن الفقيه: عمرت أذنه في سنة تسعين ومائة على يدي أبي سليمان خادم تركي كان للرشيد ولاه الثغور، وهو عمر طرسوس وعين زربه.
قال: وقال البلاذري بنيت أذنه في سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ومائة، وجنود خراسان معسكرون عليها بأمر صالح بن علي بن عبد الله بن العباس.
وقرأت بخط بنوسه في كتاب البلدان للبلاذري فيما حكاه عن شيوخه قالوا: ولما كانت سنة خمس وستين ومائة أغزى المهدي رحمه الله ابنه هرون الرشيد صلوات الله عليه بلاد الروم، فنزل على الخليج، وبنى القصر الذي عند جسر أذنه على سيحان، وقد كان المنصور صلوات الله عليه أغزى صالح بن علي بلاد الروم، فوجه هلال بن ضيغم في جماعة من أهل دمشق والأردن وغيرهم، فبنى ذلك القصر، ولم يكن بناؤه محكماً، فهدمه الرشيد، وبناه.
ثم لما كانت سنة أربع وتسعين ومائة بنى أبو سليم فرج الخادم أذنه، فأحكم بناءها وحصنها، وندب إليها رجالاً من أهل خراسان وغيرهم على زيادة في العطاء، وذلك بأمر محمد بن الرشيد، ورم قصر سيحان، وكان الرشيد رحمة الله عليه توفي سنة ثلاث وتسعين ومائة، وعامله على أعشار الثغور أبو سليم، فأقره محمد، وأبو سليم هذا هو صاحب الدار بأنطاكية.

وقال أثناء حديثه عن مسجد غوث بحلب:

(وأظن أن مسجد غوث هذا منسوب إلى غوث بن سليمان بن زياد قاضي مصر، وكان قدم مع صالح بن علي بن عبد الله بن العباس إلى حلب، وسنذكر ترجمته في موضعها من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى).

 وقال (ص 132) أثناء حديثه عن مشهد النبي صالح في جبل الطور إلى جانب قنسرين : (والذي يغلب على ظني أن هذا المشهد من بناء صالح بن علي بن عبد الله بن العباس، وكان إليه ولاية الشام، وله آثار بحلب وقنسرين، فنسب المشهد إلى صالح عليه السلام).

 

وقال ياقوت في معجم البلدان (نشرة الوراق: ص 1334)  أثناء حديثه عن زيادات الأمراء في جامع عمرو بن العاص في مصر: ثم ولى صالح بن علي بن عبد اللهَ بن العباس في أيام السفاح فزاد أيضاًفيه وهو أول من ولي مصر من بني هاشم وذلك في سنة 133 ويقال: إنه أدخل في الجامع دار الزبير بن العوَام.

قلت أنا زهير: وأشهر أولاد صالح: عبد الملك، وأخباره كثيرة، ويليه إسماعيل وسأفرد لهما وللمشاهير من أحفاد صالح صفحات مستقلة في هذا الملف. وانظر ترجمة صالح في (الوافي) للصفدي: (نشرة الوراق: ص 2234):

صالح بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي، عم السفاح والمنصور؛ ولد بالشراة من ارض البلقاء من أعمال دمشق سنة ست وتسعين أو قبلها، وتوفي سنة إحدى وخمسين ومائة، فتح مصر وقهر بني أمية وولي الموسم وإمرة دمشق؛ روى عن أبيه، روى عنه ابناه عبد الملك وإسماعيل ابنا صالح وعبد الله بن السمط، وكان قد جهز العسكر خلف مروان، فبيتوه ببوصير، وهو الذي أمر بإنشاء مدينة أدنة؛ ولما أقبل قسطنطين بن أليون طاغية الروم لقيه صالح فقتل وسبى وخرج سالماً، وقيل إن الروم كانوا مائة ألف، وولي ابنه الفضل بن صالح بعده على الشام، وقيل إن صالحاً مات سنة اثنتين وخمسين ومائة وهو والي حمص وقنسرين)

قال أبو الفداء في المختصر:

ولما فتح عبد الله بن علي دمشق، أقام بها خمسة عشرة يوماً، ثم سار من دمشق حتى أتى فلسطين، فورد عليه كتاب السفاح يأمره أن يرسل أخاه، صالح بن علي بن عبد الله بن عباس في طلب مروان، فسار صالح في ذي القعدة من هذه السنة، حتى نزل نيل مصر، ومروان منهزم قدامه، حتى أدركه في كنيسة في بوصير من أعمال مصر، وانهزم أصحاب مروان، وطعن إِنسان مروان برمح فقتله، وسبق إِليه رجل من أهل الكوفة، كان يبيع الرمان، فاحتز رأسه، وكان قتله لثلاث بقين من ذي الحجة، سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ولما أحضر رأسه قدام صالح بن علي بن عبد الله ابن العباس، أمر أن ينفض، فانقطع لسانه، فأخذته هرة، وأرسله صالح إلى السفاح وقال:

قد فتحَ اللهُ مصراً عنوةً لـكُـمُ وأهلك الفاجرَ الجعديَ إِذ ظلما
وذاك مقـولـه هـر يجـرره وكان ربُكَ من ذي الكفر منتقما

ثم رجع صالح المذكور إِلى الشام، وخلف أبا عون بمصر، ولما وصل الرأس إِلى السفاح وهو بالكوفة، سجد شكراً لله تعالى، ولما قتل مروان، هرب ابناه عبد الله وعبيد الله إِلى أرض الحبشة، فقاتلتهم الحبشة، فقتل عبيد الله، ونجا عبد الله في عدّة ممن معه، وبقي إلى خلافة المهدي، فأخذه نصر بن محمد بن الأشعث عامل فلسطين، فبعث به إِلى المهدي، ولما قتل مروان حُملت نساؤه وبناته إِلى بين يدي صالح بن علي بن عبد الله بن عباس، فأمر بحملهن إلى حران، فلما دخلنها ورأين منازل مروان، رفعن أصواتهن بالبكاء،

________

(1) عبد الملك بن صالح أبو الفضل: ممدوح ابن الرومي ومن أشهر قصائده فيه قصيدته القافية التي يصف فيها جاريته السوداء ومنها قوله:

أكسبها الحب أنها صبغت = صبغة حب القلوب والحدق

وهي في ديوانه نشرة الموسوعة 77 بيتا، إلا أن الصفدي صرح بأنها تقارب المئتي بيت

*زهير
18 - نوفمبر - 2008
ذكريات صالح بن علي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
وفي رسالة (مناقب الترك) للجاحظ قال:
وحدثني إبراهيم بن السندي مولى أمير المؤمنين، وكان عالماً بالدولة، شديد الحب لأبناء الدعوة، وكان يحوط مواليه ويحفظ أيامهم، ويدعو الناس إلى طاعتهم، ويدرسهم مناقبهم، وكان فخم المعاني فخم الألفاظ، لو قلت لسانه كان أردَّ على هذا الملك من عشرة آلاف سيفٍ شهير، وسنانٍ طريرٍ، لكان ذلك قولاً ومذهباً.
قال: حدثني عبد الملك بن صالح، عن أبيه صالح بن علي أن خاقان ملك الترك واقف مرةالجنيد بن عبد الرحمن أمير خراسان، وقد كان الجنيد هاله أمره، وأفزعه شأنه، وتعاظمه جموعه وجمعه، وبعل به، وفطن به خاقان وعرف ما قد وقع فيه، فأرسل إليه:
"إني لم أقف هذا الموقف وأمسك هذا الإمساك وأنا أريد مكروهاً، فلا ترع. ولو كنت أريد غلبةً أو مكروهاً لقد كنت انتسفت عسكرك انتسافاً أعجلك فيه عن الروية وقد أبصرت موقع العورة. ولولا أن تعرف هذه المكيدة فتعود بها على غيري من الأتراك، لعرَّفتك موضع الانتشار والخلل والخطأ في عسكرك وتعبيتك. وقد بلغني أنك رجلٌ عاقل، وأن لك شرفاً في بيتك وفضلاً في نفسك، وعلماً بدينك، وقد أحببت أن أسأل عن شيءٍ من أحكامهم لأعرف به مذهبكم، فاخرج إليَّ في خاصتك لأخرج إليك وحدي، وأسائلك عما أحتاج إليه بنفسي. ولا تحتفل ولا تحترس؛ فليس مثلي من غدر،وليس مثلي يؤمن من نفسه، ومن مكره وكيده، ثم ينكث بوعده. ونحن قومٌ لا نخدع بالعمل، ولا نستحسن الخديعة إلا في الحرب، ولو استقام أمر الحرب بغير خديعة لما جوَّزنا ذلك بأنفسنا".
فأبى الجنيد أن يخرج إليه إلا وحده، ففصلا من الصفوف. وقال: سل عما أحببت، فإن كان عندي جوابٌ أرضاه أجبتك وإلا أشرت عليك بمن هو أبصر بذلك مني.
قال: ما حكمكم في الزاني? قال الجنيد: الزاني عندنا رجلان: رجلٌ دفعنا إليه امرأةً تغنيه عن حرم الناس، وتكفه عن حرم الجيران؛ ورجلٌ لم نعطه ذلك، ولم نحل بينه وبين أن يفعل ذلك لنفسه. فأما الذي لا زوجة له فإن نجلده مائة جلدة ونحضر ذلك الجماعة من الناس لنشهره ونحذره به، ونغربه في البلدان لنزيد من شهرته وفي التحذير منه، ولينزجر بذلك كل من كان يهم بمثل عمله. فاما الذي قد أغنيناه فإنا نرجمه بالجندل حتى نقتله.
قال: حسن جميلٌ، وتدبيرٌ كبير، فما قولكم في الذي يقذف عفيفاً بالزنى? قال: يجلد ثمانين جلدة، ولا نقبل له شهادةً، ولا نصدق له حديثاً.
قال: حسنٌ جميلٌ، وتدبيرٌ كبير، فما حكمكم في السارق? قال: السارق عندنا رجلان: رجلٌ يحتال لما قد أحرزه الناس من أموالهم حتى يأخذها بنقب حيطانهم وبالتسلق من أعالي دورهم؛ فهذا نقطع يده التي سرق بها، ونقب بها واعتمد عليها. ورجلٌ آخر يخيف السبيل، ويقطع الطريق، ويكايد على الأموال، ويشهر السلاح فإن منعه صاحب المتاع قتله، فهذا نقتله ونصلبه على المناهج والطرق.
قال: حسنٌ جميلٌ، وتدبيرٌ كبير. قال: فما حكمكم في الغاصب والمستلب? قال: كلُّ ما فيه الشبهة ويجوز فيه الغلط والوجوه، كالغصب والاستلاب، والجناية، والسرقة لما يؤكل أو يشرب فإنا لا نقطع فيما فيه شبهة ونتمحَّل لذلك وجهاً غير السرقة.
قال: حسنٌ جميلٌ، وتدبيرٌ كبير. قال: فما حكمكم في القاتل وقاطع الأذن والأنف? قال: النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف. وإن قتل رجلاً عشرةٌ قتلناهم. ونقتل القويَّ البدن بالضعيف البدن، وكذلك اليد والرِّجل.
قال: حسنٌ جميلٌ، وتدبيرٌ كبير. قال: فما تقولون في الكذاب والنمام والضراط.
قال: عندنا فيهم الإقصاء لهم وإبعادهم وإهانتهم، ولا نقبل شهادتهم، ولا نصدق أحكامهم.
قال: وليس إلا هذا? قال: هذا جوابنا على ديننا.
قال له: أما النمام عندي هو الذي يُضرِّب بين الناس، فإني أحبسه في مكانٍ لا يرى فيه أحداً. وأما الضراط فإني أكوي أسته، وأعاقب ذلك المكان فيه. وأما الكذاب فإني أقطع الجارح التي بها يكذب، كما قطعتم اليد التي بها يسرق، وأما الذي يضحك الناس ويعودهم السخف فإني أخرجه من سلطانه، وأصلح بإخراجه عقول رعيتي.
قال: فقال الجنيد بن عبد الرحمن: أنتم قومٌ تردون أحكامكم إلى جواز العقول، وإلى ما يحسن في ظاهر الرأي؛ ونحن قومٌ نتبع الأنبياء، ونرى أنْ لم نصلح على تدبير العباد. وذلك أن الله تعالى أعلم بغيب المصالح وسر الأمروحقائقه، ومحصوله وعواقبه، والناس لا يعلمون ولا يرون الحزم إلا على ظاهر الأمور. وكم من مضيع يسلم، وحازمٍ يعطب.
قال: ما قلت كلاماً أشرف من هذا، ولقد ألقيت لي في فكراً طويلاً.
قال إبراهيم: قال عبد الملك: قال صالح: قال الجنيد: فلم أرى أوفى ولا أنصف ولا أفهم ولا أذكى منه. ولقد واقفته ثلاث ساعاتٍ من النهار وما تحرك منه شيءٌ إلا لسانه، وما مني شيء لم أحركه.
___________
وقال ابن حمدون في التذكرة (نشرة الوراق ص 940):
وجد في كنيسة للنصارى بالشام بين الصور مكتوب: يقول صالح بن علي بن عبد الله بن عباس، نزلت هذه الكنيسة يوم كذا من شهر كذا من سنة ثماني عشرة ومائة، وأنا مكبل بالحديد محمول إلى أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك:
ما سد باب ولا ضاقت مذاهبه إلا أتاني وشيكاً بعده ظفـر
فبعد أربع عشرة سنة نزل صالح بتلك الكنيسة محارباً لمروان بن محمد، فكان من ظفر بني هاشم ببني مروان ما كان.
 
*زهير
18 - نوفمبر - 2008

 
   أضف تعليقك
 1  2