مجلس : الأدب العالمي

 موضوع النقاش : كتاب(نظريات نقدية وتطبيقاتها) للدكتور رحماني    قيّم
التقييم :
( من قبل 7 أعضاء )

رأي الوراق :

 صبري أبوحسين 
18 - مايو - 2008
يعد الأستاذ الدكتور: أحمد بن عثمان رحماني علمًا من أعلام البحث الأدبي والنقدي في العصر الحديث، بلا ريب؛ إذ له، في هذا الميدان الفكري، جهود علمية وتعليمية كثيرة مشكورة معروفة غير منكورة. منها على سبيل المثال، لا الحصر:
*أنه قام بتدريس مقررات نقدية أدبية كثيرة ومتنوعة، خلال رحلة تعليمية مديدة حافلة بالمتخرجين والمتخرجات، في مرحلتي الإجازة العالية(الليسانس) والدراسات العليا، مثل مقررات: (نظريات نقدية)، و(تحليل النصوص) (إعجاز القرآن)، و(النقد الأدبي العربي القديم)،( النقد الأدبي الحديث والمعاصر)، (مصادر الأدب واللغة)، (البلاغة)،و(الأدب الإسلامي في صدر الإسلام)، و(التفسير الموضوعي للقرآن الكريم)، و(كتاب قديم)، و(الأدب الأندلسي)، و(الأدب المقارن ونظرياته)...إلخ
 * أن له بحوثًا علمية محكمة وكتبًا منشورة في ميدان البحث الأدبي النقدي القديم والحديث والمعاصر، منها:
كتاب(النقد الإسلامي المعاصر بين النظرية والتطبيق)، وكتاب(نظريات نقدية وتطبيقاتها)، وكتاب(الرؤيا والتشكيل في الأدب المعاصر)، وكتاب(التفسير الموضوعي نظرية وتطبيقًا)، وكتاب(مصادر التفسير الموضوعي)، وكتاب(نظريات الإعجاز)، وكتاب(النقد التطبيقي الجمالي واللغوي في القرن الرابع الهجري)،...إلخ
إن باحثًا -بهذه الرحلة العلمية والتعليمية المديدة والمتنوعة مكانًا وزمانًا، فكرًا وأجناسًا وأجيالاً – قمينٌ بأ يُقرَأ له ويُحاور، ويُستفاد من تجاربه في تعاملنا الحائر والشائك مع المنجز الفكري العربي ماضيًا وحاليًا ومستقبلاً.
ولعل في عرض كتابه(نظريات نقدية وتطبيقاتها) في موقع الوراق ما يساعد على هذه الاستفادة وذلك الحوار الذي أرجو أن يكون مفيدًا وبناءً للجميع:باحثين وناقدين ومبدعين وناشئة شُداة...
 

 1  2  3 

*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
سيرة المؤلف بقلمه    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
ولد الأستاذ الدكتور: أحمد بن عثمان رحماني بضواحي  مدينة باتنة بمنطقة  الأوراس بالجزائر  في 25 ماي سنة:1950
ـ الهاتف : 506952287 (917)
ـ الفاكس:043965204(971)
ـ البريد الإلكتروني:a_o_rahmani@maktoob.com
االشهادات
ـ حصل على الليسانس،1982
 ـ ثم دبلوم الدراسات العليا،1984بجامعة قسنطينة
 ـ ثم الماجستير في النقد القديم بدرجة مشرف جدا مع التوصية بالطبع، بجامعة قسنطينة 1988
 ـ ثم دكتوراه الدولة في الأدب العربي ونقده بدرجة مشرف جدا.1994 / / بجامعة قسنطينة
الرتب العلمية والوظيفية
ـ أستاذ التعليم العالي بجامعة باتنة/ الجزائر /2000
ـ أستاذ محاضر ( مشارك) بجامعة باتنة/ الجزائر :1994
ـ أستاذ مكلف بالدروس/ جامعة قسنطينة/ 1988
ـ أستاذ مساعد في جامعة قسنطينة،  1984
ـ رئيس وحدة بحث 2000ـ2004
ـ أستاذ النقد ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي 2000ـ
2004
 الأساتذة المعرفون بسيرتي :
  الأستاذ الدكتور: حمزة عبد الله المليباري: بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي/
 هاتف :774165 /50
2ـ الأستاذ الدكتور  الدكتور:عبد الله المصلح/ هاتف:0096654696944
3ـ الدكتور: أحمد عقون:  بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي/ /0508805012
  الدكتور خالد   بسباس   جامعة الشارقة : 7762367  /50
5 ـ  هاشم جميل : كلية الشريعة :  جامعة الشارقة
*صبري أبوحسين
18 - مايو - 2008
سيرة المؤلف بقلمه2    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
الوظائف الإدارية
أولا ـ رئيس قسم اللغة العربية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي.2003ـ إلى يومنا هذا
ومن الأعمال المنجزة في هذه الفترة:
ـ توزيع المقررات الدراسية على الأساتذة
ـ  الإشراف على  تحضير الامتحانات  بكل متطلباتها في القسم
ـ  تجديد الخطة الدراسية   للدراسات العليا
ـ  تجديد مقررات الدراسات العليا
ـ  تجديد الخطة الدراسية لمرحلة الليسانس  وتجديد مقرراتها
ـ تحضير ملف مرحلة الدكتوراه في اللغة العربية لتقديمه للوزارة
ثانيا عـ  عميد كلية العلوم الإسلامية والعلوم الاجتماعية بجامعة باتنة /الجزائر،،2000
 وقد عملت على إنجاز ما يلي :
ـ فتح قسم   الكتاب والسنة
ـ فتح دائرة   الدراسات العليا بقسم العلوم الاجتماعية
ـ الإشراف على تحضير ملف الدكتوراه
ـ تنظيم مؤتمر  علمي  سنوي   بعنوان :  الأصالة والتجديد  في مناهج البحث في العلوم الإسلامية والاجتماعية 
ثالثا ـ رئيس المجلس العلمي في كلية العلوم الإسلامية والعلوم الاجتماعية بجامعة باتنة بالجزائر 1994ـ 2000
 ومن الأعمال المنجزة في هذه المرحلة:
ـ إدارة أعمال المجلس العلمي كلها ومنها  الترقيات،  دراسة ملفات التوظيف في هيئة التدريس،  الإشراف على توزيع المقررات
ـ إنشاء مجلة الإحياء  وهي مجلة محكمة
ـ الإشراق على هيئة تحرير المجلة 
ـ تولي  تنظيم التحكبم في المجلة
رابعا ـ رئيس تحرير مجلة الإحياء في كلية العلوم الإسلامية والعلوم الاجتماعية بجامعة باتنة بالجزائر،1994ـ 2000
خامسا ـ عضو هيئة تحرير مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي/2003
سادسا : عضو  مجلس الكلية  بكلية الدراسات الإسلامية والعربية
 المقررات التي درسها:
ـ نظريات نقدية ( مرحلة الدراسات عليا)/ كلية الدراسات الإسلامية والعربية/ قسم اللغة العربية/ دبي
ـ تحليل النصوص ( مرحلة الدراسات عليا)/ كلية الدراسات الإسلامية والعربية/ قسم اللغة العربية/ دبي
ـ إعجاز القرآن / مرحلة الدراسات العليا/ كلية العلوم الإسلامية والاجتماعية/ جامعة باتنة
ـ النقد الأدبي العربي القديم/ كلية الدراسات الإسلامية والعربية/ قسم اللغة العربية/ دبي
ـالنقد الأدبي الحديث والمعاصر/ كلية الدراسات الإسلامية والعربية/ قسم اللغة العربية/ دبي
ـ مصادر الأدب واللغة /كلية الآداب  جامعة قسنطينة
ـ البلاغة/ كلية العلوم الإسلامية والاجتماعية/ جامعة باتنة
ـ الأدب الإسلامي في صدر الإسلام/ مرحلة الدراسات العليا/ كلية العلوم الإسلامية والاجتماعية/ جامعة  الأمير عبد القادر
ـ التفسير الموضوعي للقرآن الكريم/ مرحلة الدراسات العليا/ كلية العلوم الإسلامية والاجتماعية/ جامعة باتنة
ـ كتاب قديم/ كلية الدراسات الإسلامية والعربية/ قسم اللغة العربية/ دبي
ـ الأدب الأندلسي/ كلية الدراسات الإسلامية والعربية/ قسم اللغة العربية/ دبي
ـ الأدب المقارن ونظرياته/ جامعة قسنطينة / وجامعة خنشلة/ الجزائر
*صبري أبوحسين
18 - مايو - 2008
سيرة المؤلف بقلمه4    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
التحكيم في المجلات العلمية
ـ مجلة عجمان للدراسات والبحوث0 دورية محكمة تصدر عن جائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم/ عجمانـ دولة الإمارات العربية المتحدة
ـ مجلة / الإحياء/ مجلة علمية ثقافية فكرية محكمة تصدر عن كلية العلوم الاجتماعية والإسلامية / جامعة باتنة
ـ مجلة الموافقات/ مجلة علمية محكمة تصدر عن كلية  أصول الدين / جامعة الجزائر
ـ مجلة الآداب / / مجلة علمية محكمة تصدر عن كلية  الآداب واللغات / جامعة قسنطينة/الجزائر
ـ مجلة الأحمدية / بدار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث حكومة دبي/ الإمارات
ـ الاتحادات والجمعيات العلمية والأدبية:
1ـ عضو اتحاد الكتاب الجزائريين/ 1958ـ 1991
2ـ عضو مؤسس جمعية الإصلاح الاجتماعي والتربوي/ وقد أجزت لحد الآن سبع مؤتمرات علمية طبعت كل أشغالها في كتب
المؤتمرات العلمية والأدبية:
1ـ مؤتمر الشيخ عبد الحميد بن باديس للأدب جامعة قسنطينة/ الجزائر1987:
2ـ ملتقى الأدب التحرري / جامعة الأمير عبد القادر الجزائري/ 1998
3ـ ملتقى الفكر الإسلامي/ الإسلام والعلوم الإنسانية /  تنظيم وزارة الشؤون الدينية / الجزائر1985
4ـ ملتقى / حقوق الإنسان/ بموضوع / حقوق الطفل في القرآن/ كلية أصول الدين /  جامعة الجزائر1999
  5 ـ ملتقىالأصالة والتجديد في مناهج البحث الإسلامي والاجتماعي/ كلية العلوم الإسلامية والاجتماعية /2001
6 ـ ندوة  علمية حول البحث العلمي في مرحلة الماجستير / ندوة معدة للدراسات العليا/ شارك بموضوع:البحث العلمي بين المقدمة والخاتمة/ كلية الدراسات الإسلامية والعربية:2003ا
7ـ ندوة ( علوم الحديث واقع وآفاق) ندوة علمية دولية عقدت بكلية الدراسات الإسلامية والعربية/ بدبي / 2003
الأنشطة داخل الكلية:
ـ رئيس قسم اللغة العربية 2002ـ 2004
ـ عضو مجلس الكلية 2001ـ2004
ـ رئيس لجنة الصياغة في ندوة ( علوم الحديث واقع وآفاق) ندوة علمية دولية عقدت بكلية الدراسات الإسلامية والعربية/ بدبي / 2003
ـ رئيس لجنة اقتناء الكتب لمكتبة كلية الدراسات الإسلامية والعربية/ بدبي / 2004
رئيس لجنة الدراسات العليا بكلية الدراسات الإسلامية والعربية
الأستاذ الدكتور أحمد عثمان رحماني
*صبري أبوحسين
18 - مايو - 2008
غلاف الكتاب ومدخله    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
نظريات نقدية وتطبيقاتها
أ‌.     د. أحمد رحماني
 
 
" الناقد هو المستمع الذي يفهم ما يقال له"
 
سكوت جيمس
بسم الله الرحمن الرحيم
مدخل إلى النظريات النقدية
 
 نستهدف في هذا الكتاب إبراز أهم النظريات التي تفسر الظاهرة الأدبية والنقدية، على أساس أن" النظرية تركيب عقلي مؤلف من تصورات منسقة تهدف إلى ريط النتائج بالمقدمات"، أوهي "تركيب عقلي واسع يهدف إلى تفسيرعدد كبير من الظواهر ، ويقبله أكثر العلماء في وقته من جهة ماهوفرضية قريـبة من الحقيقة".أوهي  "مقولة كلية تفسر في ضوئها مجموع الجزئيات المنتمية إليها "[1]، " والنظرية ـ في الأدب ـ هي عبارة عن فرضية عمل نفهم الوقائع بواسطتها ونحددها انطلاقا من المواصفات الداخلية للمواد الأدبية، وهي في هذا تتقاطع علاقاتها مع علم الجمال وعلم الفلسفة والتفسيرات النفسية والجمالية للأعمال الأدبية"[2]
وعلى سبيل المثال إذا قلنا إن الشعر ظاهرة من الظواهر الأدبية التي اختلف النقاد في تحديدها فإن ذلك يعني أن هناك عدة نظريات في تفسير مفهوم الشعر ، فالجاحظ يعرف الشعر بأنه صياغة وضرب من النسج وجنس من التصوير[3]، وقدامة بن جعفر يعرفه بقوله : " الشعر كلام موزون مقفى يدل على معنى "[4] وابن وهب يعرفه بقوله:  الشعر من شعر يشعر، والشاعر من يشعر بما لا يشعر به غيره ومن لم يكن كذلك فليس بشاعر وإن أتى بكلام موزون مقفى"[5] فهذه ثلاث نظريات كل منها ينظر إلى الشعر من حيث هو فن من فنون الأدب من زاوية مختلفة عن الثاني، واختلافهم يؤدي إلى مسائل كبيرة تتعلق بخصوصيات مميزة لفن الشعر، فهل  الشعر كما فسره الجاحظ صياغة لغوية جميلة ونوع من أنواع التصوير كالنحت مثلا؟ أليست له خصوصيات أخرى؟  أو هو فن من فنون الكلام التي تميزها عناصر معينة هي الوزن والقافية والفكرة كما قال قدامة؟ أو هو شعور وإدراك مميز للكون والحياة كما يرى ابن وهب؟  وهل يمكن عندئذ أن يكون هذا التعريف شاملا لكل شعر من أشعار الأمم والشعوب كما الحال في تعريف الجاحظ وابن وهب؟ أم أن هذا التعريف ينطبق فقط على الشعر العربي  ومن ثم لا يكون قادرا على الإجابة عن مشكلات الظاهرة الشعرية من حيث هي ظاهرة إنسانية؟
إننا عندما نتوقف عند كل تعريف من التعريفات السابقة يمكن أن نقول إن كل واحد منها يمثل وجهة نظر نستطيع أن نفسر في ضوئها الظاهرة الشعرية ومن ثم نقول إنها نظرية الجاحظ أو نظرية قدامة أو نظرية ابن وهب.
ومن الواضح أن النظرية تكون متماسكة لأنها تتكون من عناصر متناسقة، كما تكون مقبولة لدى كثير من العلماء، ولكن مع ذلك فهي لا تكتسب  قوة القانون لأنها ليست صارمة في حكمها ولا تملك ذلك ، غير أنها من جهة أخرى تملك كثيرا من جوانب الحقيقة الشعرية، مما يجعلها مقنعة من وجهة النظر التي طرح المنظر من خلالها فكرته، فالشعر صياغة وتصوير فعلا ولكنه أيضا شعور كما قال ابن وهب، وهو أيضا موزون وعند العرب مقفى، وعليه فكل نظرية من تلك النظريات إنما تفسر في الواقع الظاهرة الشعرية من زاوية واحدة تتحمس لها وتريد أن تجعلها هي الخصوصية المميزة للشعر، وانظر إن شئت أن تترك القدماء إلى المحدثين لتجد الدكتور طه حسين يقول : " فأما الشعر فله شأن آخر لأن جماله لا يأتي من معانيه ... وإنما من ألفاظه وصوره وهذه الأخيلة التي تثيرها ألفاظه وصوره في نفسك... فالشعر باق لأنه أقوى من أن يفهم"[6]، ولكي تكتمل النظرة يمكنك أن تقرأ معي هذا النص لغراهام هو: " إن الذين يولون أشد عنايتهم لما وضع له الأدب ( المهمة) يميلون إلى تكوين فكرة هشة وغير تحليلية عما هو الأدب ( الطبيعة ) ? وأن الذين يعنون أكثر ما يعنون بما هو الأدب يميلون إلى تكوين فكرة هشة وغير تحليلية عما وضع الأدب له، الأولون يرون الأدب جزءا من الفعالية الإنسانية بعامة، ولا يهتمون إلا أقل اهتمام بكيفية عمل الأدب في حد ذاته، والآخرون يرون الأدب فعالية تحتوي ذاتها، لها مناهجها الخاصة وأهدافها، هاتان النظريتان أو نموذجا النظرية الأدبية يظهران حين يبلغ الأدب مبلغ الوعي بذاته وما برحا منذ ذلك الحين أساسا للتفكير في الأدب... نحتاج إلى اسمين مناسبين لهذين النموذجين للنظرية الأدبية وسندعوهما النموذج الخلقي والنموذج الشكلي"[7].


[1] ـ أحمد رحماني : نظريات الإعجاز : 2
[2] ـ  جان إيف تادييه : النقد الأدبي في القرن العشرين 23
[3] ـ الجاحظ : الحيوان: 3/ 132
[4] ـ نقد الشعر : ص  3 :ط ليدن 1956
[5] ـ ابن وهب البرهان في وجوه البيان ص: 164 تحقيق أحمد مطلوب وخديجة الحديثي/ جامعة بغداد
[6] ـ خصام ونقد : موضوع صورة الأدب
[7] ـ مقالة في النقد : 14ـ 15ـ ترجمة محيي الدين صبحي
*صبري أبوحسين
18 - مايو - 2008
مدخل الكتاب2    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
ولاشك أن هذه النظريات تبقى أفكارا صاغها أصحابها اعتمادا على التأمل العميق في مسألة الشعر ولكن نقد النقد هو من يتولى دراستها على المستوى التطبيقي ليعرف مدى صدقها على الظاهرة من حيث هي كل متكامل، لذلك قال رنيه ويلك: " من المستحيل وضع نظرية للأدب إلا على أساس دراسة أعمال أدبية معينة"[1].ثم يضيف : " العملية ديالكتيكية : هناك إسهام بين النظرية والممارسة "[2]
وعلى أي حال فإننا عندما ننظر في تعريف نظرية الأدب عند رنيه ويليك وأوستن وارين نجدها تنص : " نظرية الأدب دراسة مبادئ الأدب مقولاته معاييره وما أشبه ذلك ، نفرقها عن دراسات أعمال فنية معينة بتسمية هذه باسم ( النقد الأدبي)... وقد يشمل اصطلاح" نظرية الأدب كلا من (نظرية النقد الأدبي) الضرورية و(نظرية التاريخ الأدبي) "[3]
وهذا الكلام هو الذي يسمح لنا في الواقع بأن نتناول النظريات النقدية في إطار نظرية الأدب، وربما سمح لنا الوقت بأن نتناول بإيجاز نظرية تاريخ الأدب باعتبارها وجها من أوجه النقد.
وستتمحور هذه الدراسة ـ بإذن الله ـ حول أربعة محاور أساسية تتناول:
1ـ نظريات طبيعة الأدب ووظيفته
 2ـ نظريات دراسة الأدب من الخارج ( الوظيفة) وتشمل: ( التاريخي والاجتماعي، والتحليل النفسي والنقد التكويني)
3ـ  نظريات دراسة الأدب من الداخل سطحا وتشمل: (الاتجاه الشكلي أو النقد الجمالي بما في ذلك نظرية الشعرية، ونظرية الأسلوبية...)
4ـ  نظريات دراسة الأدب من الداخل عمقا (الاتجاه الداخلي أو النقد الوظيفي بما في ذلك الموضوعاتي ونظرية النقد الأخلاقي والنقد الإسلامي الجديد  ...)
وسنتبع ذلك بدراسات تطبيقية تهدف إلى وضع النظريات المختلفة موضع التطبيق، نتناول فيها نصوصا شعرية من القديم والحديث نستجلي من خلالها العلاقة بين النظريات النقدية والنصوص الأدبية، إذ أن النقد التطبيقي هو المحك الذي نعرف من خلاله مدى صدق النظرية على الحقيقة الأدبية.
 


[1] ـ رنيه ويلك وأو ستن : نظرية الأدب : 41
[2] ـ  نفسه
[3] ـ نظرية الأدب م س : 40
*صبري أبوحسين
18 - مايو - 2008
المدخل3    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

الباب الأول : القسم القسم النظري

الفصل الأول: نظريات طبيعة الأدب ووظيفته وأنواعه   4

المبحث الأول: طبيعة الأدب                                          5
 المبحث الثاني:وظيفة الأدب                                          9
المبحث الثالث:أنواع الأدب                                           
 
الفصل الثاني : نظريات نقدية لدراسة الأدب من الداخل     18
المبحث الأول:نظريات دراسة الأدب من الداخل سطحا( الشكل
المبحث الثاني:نظريات دراسة الأدب من الداخل عمقا( المضمون)
ـ نظريات النقد الأخلاقي                                         32
2ـ نظرية مدرسة الإنسانية الجديدة                                    46                                  
ـ نظريات النقد الإسلامي                                         47
ـ نظريات النقد الموضوعاتي                                    60           
 
الفصل الثالث : نظريات نقدية لدراسة الأدب من الخارج  67           
نظريات النقد النفسي                                                68
نظريات النقد التاريخي                                              77                                            
نظريات النقد التكويني 

الفصل الأول: نظريات طبيعة الأدب ووظيفته    4

المبحث الأول: طبيعة الأدب                                          5
 المبحث الثاني:وظيفة الأدب                                          9


[1] ـ رنيه ويلك  وأوستن : نظرية الأدب : 19
[2] ـ المعجم الوسيط : مادة : أدب
[3] ـ نفسه :
[4] ـ رنيه ويلك  ..: السابق : 19
[5] ـ عيار الشعر ص: 17 تحقيق طه الحاجري وزغلول سلام/ المكتبة التجارية/ القاهرة/ 1956
[6] ـ نفسه : 20
[7] ـ نظرية الأدب :  20
[8] ـ نظرية الأدب : 21
*صبري أبوحسين
18 - مايو - 2008
المدخل 4    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

المبحث الأول ـ طبيعة الأدب

ما هو الأدب ? تعددت النظريات التي تجيب عن هذا السؤال تعددا واضحا لا يقل عن تعدد الإجابة النقدية العربية عن سؤال ما هو الشعر؟ ويمكن أن نسوق بهذا الصدد ثلاث نظريات ثم نعقبها بالنقد الموجه إليها.
1ـ النظرية الأولى: الأدب هو كل شيء قيد الطبع، وكل ما يمت إلى الحضارة بصلة لا يخرج عن مجال الأدب[1] ، ولا شك أن هذا التعريف يشمل التراث البشري كله وهذا شبيه بمعنى الأدب الذي يطلق على الكليات في العصر الحديث في بعض الجامعات التي تطلق عبارة كلية الآداب لتشمل التاريخ والجغرافيا وعلوم اللسان والفلسفة، والأدب بالمعنى الخاص[2]، وهذا المعنى في الحقيقة ليس جديدا، ففي التراث العربي كان الأدب يطلق بمعنى رياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي ومنه كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة فهو يعني كل ما ينبغي أن يتأدب به صاحب الكتابة من كل ما أنتجه العقل الإنساني من ضروب المعرفة[3]
نقد النظرية: لاشك أن هذه النظرية تبالغ في تعميم المفهوم حتى كاد أن يميع لذا قيل : " لم تعد الدراسة الأدبية مقصورة على ما يمت بصلة إلى تاريخ الحضارة وإنما تتطابق معه فعلا، وليست مثل هذه الدراسة أدبية إلا من حيث أنها تنشغل بالمادة المكتوبة أو المخطوطة  ...إن دراسة كل ما يتعلق بتاريخ الحضارة يتجاوز نطاقه في واقع الأمر تجاوزا بعيدا عن نطاق الدراسة الأدبية إذ تسقط كل الفوارق وتحشر في الأدب معايير أجنبية عنه"[4]، ذلك لأن الأدب بالمعنى الذي تطرحه هذه النظرية سيشمل كل التراث من تاريخ وفقه وتفسير وفلسفة وما إلى ذلك، وهذا يبدو بعيدا عن الأدب من حيث هو فن أداته الكلمة والخصائص الأدبية.ويؤكد ذلك قول ابن طباطبا: "الشعر هو ما إن عري من معنى بديع لم يعر من حسن الديباجة، وما خالف هذا فليس بشعر"[5]
2ـ النظرية الثانية: الأدب هو الكتب العظيمة، الكتب التي تشتهر لشكلها الأدبي أو تعبيرها مهما كان موضوعها، والمعيار هنا إما أن يكون جدارة جمالية فقط أو جدارة جمالية مرتبطة بميزة فكرية عامة، ففي الشعر الغنائي والدراما والرواية، تختار أعظم الأعمال على أسس جمالية، أما الكتب الأخرى فتنتقى لشهرتها أو لسموها الفكري معا بالإضافة إلى قيمة جمالية من نوع أضيق: فالأسلوب والتأليف والقوة العامة للعرض هي الخصائص التي يشار إليها عادة"[6]
الأدب بهذا المعنى سيكون أضيق من السابق وأقرب إلى خصائص الأدب، ولكن ما معنى العظمة التي تنسب للكتاب هنا؟ أليس كتاب الموافقات للشاطبي من الكتب الأصولية التي تجمع بين عظمة الفكرة وعظمة الأسلوب ? وما ذا نقول بخصوص كتب عظيمة مثل مقدمة ابن خلدون والأم للشافعي بل وبعض التفاسير كالكشاف للزمخشري وفي ظلال القرآن لسيد قطب؟.
نقد النظرية:يرى مؤلفا نظرية الأدب أن "هذه الكتب العظيمة مستحبة جدا لأغراض تربوية، وعلينا أن نوافق جميعا على الفكرة التي توجب على الطلاب والمبتدئين منهم خاصة أن يقرءوا الكتب العظيمة أوالجيدة" إلا أنهم يعلقون بعد ذلك بما يبين أن الأدب الابتداعي يتطلب تقاليد أدبية قد لا نجدها في هذه الكتب العظيمة وكذلك لا يفهم عندئذ أمر تطور الأنواع الأدبية ومن ثم طبيعة العملية الأدبية ذاتها[7]
النظرية الثالثة : الأدب هو الأدب التخييلي الابتداعي[8] مثل القصص والشعر والمسرح، والأدب بهذا المعنى الضيق هو الذي يتعامل معه النقد الأدبي في الغالب، ويقيمه من جهة الخصائص التي تكسبه الأدبية، ولكن هذا التعريف وإن نص على الأدب من حيث خاصية الخيال، كما نص على ذلك الجاحظ في تعريف الشعر بأنه "جنس من التصوير" فإنه لم يستطع أن يهيمن على الظاهرة الأدبية فعلا.
نقد النظرية :يرى  رنيه ويليك وأوستن  أن أبسط حل للمشكلة يكمن في تمييز الاستعمال الخاص للغة في الأدب بمعنى التفرقة بين اللغة الأدبية وغير الأدبية، من جهة والتفرقة بين أساليب استخدام الأدباء للغة تبعا للأنواع الأدبية، على أنه يستدرك أن اللغة في حد ذاتها مشحونة بالتراث الثقافي لكل مجموعة لغوية، وقد يشاركهم الرأي من يذهب إلى أن " هوية النص تتحقق من خلال السمات الأسلوبية التي تتبدى في كل خلية من خلاياه وتطبعه بطابعها فتهيمن عليه هيمنة تامة"[9].


[1] ـ رنيه ويلك  وأوستن : نظرية الأدب : 19
[2] ـ المعجم الوسيط : مادة : أدب
[3] ـ نفسه :
[4] ـ رنيه ويلك  ..: السابق : 19
[5] ـ عيار الشعر ص: 17 تحقيق طه الحاجري وزغلول سلام/ المكتبة التجارية/ القاهرة/ 1956
[6] ـ نفسه : 20
[7] ـ نظرية الأدب :  20
[8] ـ نظرية الأدب : 21
[9] ـ عدنان حسين قاسم :  الاتجاه الأسلوبي البنيوي:205 مؤسسة علوم القرآن الشارقة
*صبري أبوحسين
18 - مايو - 2008
المدخل5    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
اللغة العلمية واللغة الأدبية:
ينبغي أجراء تمييز أساسي في استعمالات اللغة بالنسبة لكل من مجالات الأدب والعلم والحياة اليومية، ... وبخاصة في تعريف الحد الفاصل بين اللغة الأدبية واللغة اليومية.. واللغة العلمية ، إذ أن  مجرد التضارب بين الفكر والانفعال أو الشعور ليس كافيا، لأن الأدب يحتوي على فكر أو معنى كما قال قدامة بن جعفر،  واللغة الانفعالية لا تقتصر إطلاقا على الأدب كما جاء في نظرية الأدب[1]، فاللغة العلمية إشارية بينما اللغة الأدبية ملأى بالجناس والتضممينات وليست دلالية فقط بل هي تعبيرية كذلك لأنها تنقل الموقف  ولا تقتصر على تقرير الفكرة في ذهن السامع بل تتجاوزه إلى التأثير في القلب، وتشدد على القيمة الصوتية في الوزن والقافية والسجع والتكرار[2]
وعلى العموم  فاللغة الأدبية أشد إيغالا في البنية التاريخية للغة فهي تشدد على وعي الإشارة ذاتها ولها جانبها التعبيري والذرائعي الذي تسعى اللغة العلمية إلى تقليله[3].
 
تمايز اللغة في الأنواع الأدبية:لا يشك الباحثون في الفروق القائمة بين لغة الأعمال العلمية والأعمال الأدبية، لاسيما الأدب الإنشائي، ولكن من الواضح أيضا أن هناك فروقا دقيقة بين الأنواع الأدبية، من قصة وشعر ومسرح ومقال أدبي..وقد ذهب القدماء إلى التفرقة بين الشعر والنثر فقال  ابن طباطبا: " الشعر كلام منظوم بائن عن المنثور"[4] لذا وجدنا من يذهب إلى أن " الشعر يتجاوز اعتباطيا العلامة إلى توازن بين الصوت والمعنى ويمنع استنفاذ العلامة من أي معنى كان إذ ينبغي على جسمها الكلامي أن يكون صلبا وغامضا بشكل يكون للتنغيم معنى وأن يكون لمعنى الكلمات صوتا"[5]
وقد توقف عند الفروق اللغوية بين الأنواع الأدبية  رنيه ويلك وأوستن وارين في كتابهما نظرية الأدب[6]، ليشيرا إلى أن :
1ـ  الجانب الصوتي في الشعر مختلف عنه في الرواية اختلافا بينا
2ـ العنصر التعبيري الانفعالي في الشعر الذاتي أكثر منه وأوضح في القصة والرواية
3ـ العنصر الذرائعي  الذي يهدف إلى التأثير بواسطة استثارة التوسل العاطفي لحظة أزمة انفعالية أقوى في الشعر  بينما العنصر البرهاني الذي يهدف إلى الإقناع أقوى في الرواية منه في الشعر، وحتى في الشعر تجد فرقا بين الشعر التعليمي التربوي والشعر الغنائي الذاتي.
4ـ اللغة في الرواية والقصة والمسرح أكثر ذهنية منها في الشعر
5ـ اللغة الشعرية أكثر انتهاكا لنظام اللغة من أجل وضع المستمع والقارئ في حالة من الوعي والانتباه
6ـ اللغة الشعرية تعنى كثيرا جدا بالحبك المحكم لدرجة التعقيد أحيانا بحيث يصبح من المستحيل أحيانا تغيير كلمة أو إضافتها دون إفساد تأثيرها في المجموع.ولا شك أن صفة الحبك هذه قد أكدت نظرية ابن طباطبا في تمييز الشعر من النثر بناء على حسن النظم حين قال: " الشعر كلام منظوم بائن عن المنثور الذي يستخدمه الناس في مخاطباتهم بما خص به من النظم الذي إن عدل عن جهته مجته الأسماع وفسد على الذوق"[7]
بعض الآليات الأسلوبية الفنية المميزة للأدب: على الرغم من وجود فوارق واضحة بين الفنون الأدبية  فإن هناك  عاملا مشتركا بينهما ألا وهو البلاغة لذلك يقول ابن وهب : "وفي الشعر والنثر جميعا تقع البلاغة"[8]
وكأن البلاغة هي العنصر المميز للأدب عامة عن الكلام اليومي والكلام الذي لم يقصد منه الأدب، و يلخص رنيه ويلك وأوستن تلك الفروق  في التقريرية والشخصيات  والزمان والمكان والحوار والخيال لكنهما يجعلان المرتكز هو الحكاية والمخيلة" بقولهما: "إن مركز الفن الأدبي يقع في الأنواع الأدبية التقليدية من شعر غنائي وملاحم ودراما والمرجع فيها كلها عالم الحكاية والمخيلة، والنصوص التقريرية في رواية أو قصيدة أو مسرحية ليست صحيحة بحرفيتها... إن شخصية ما في رواية تختلف عن شخصية تاريخية أو شخصية موجودة في الحياة الواقعية، فالشخصية في الرواية إنما تتألف فقط من الجمل التي تصفها أو التي وضعها المؤلف على لسانها، وليس لتلك الشخصية ماض أو مستقبل وليس لها أحيانا حياة مستمرة.
والزمان والمكان ليسا في الرواية كما في الحياة الواقعية ...وكذاطريقة رسم الشخصيات والحوادث المنتقاة أو الموضوعة وطرائق تسيير الحوار، ثم التخييل، ... فاللغة الشعرية مشحونة بالتصوير بدءا من أبسط أنواع المجاز وصعدا إلى المنظومات الأسطورية... إلا أن المجاز  ليس ضروريا للنصوص القصصية ومن ثم لجانب كبير من الأدب، فثمة قصائد جيدة وعارية تماما من الصور"[9] على أنه يعود فيقول: " الصفة المركزية هي التخييل"[10]


[1] ـ  نظرية الأدب :م س  : 23
[2] ـ نظرية الأدب : 22
[3] ـ نفسه: 23
[4] ـ عيار الشعر : ص 9 تحقيق طه الحاجري  وزغلول سلام : ص : 1
[5] ـ جان إيف تادييه: النقد الأدبي في القرن العشرين: 273/ ترجمة قام المقداد
[6] ـ نظرية الأدب : 24 ـ 25
[7] ـ عيار الشعر : م س : ص : 1
[8] ـ ابن وهب:  البرهان في وجوه البيان : 161
[9] ـ نظرية الأدب : 25ـ 26
[10] ـ نظرية الأدب م س : 25
*صبري أبوحسين
18 - مايو - 2008
المدخل6    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
لعل كل ذلك الاهتمام بالتمييز بين اللغة الأدبية وغير الأدبية، ثم التمييز بين اللغة في الأنواع الأدبية نفسها، يجعلنا نقبل بسهولة تعريفا آخر للأدب هو قول بعض النقاد " الأدب يشمل كافة الآثار اللغوية التي تثير فينا بفضل خصائص صياغتها انفعالات عاطفية أو إحساسات جمالية" وبذلك  يتبين لنا أن أصحاب هذه النظرية "لايميزون الأدب بصيغته فحسب بل يميزونه بأثره النفسي الذي ينبعث عن خصائص صياغته، وهذا الأثر هو الانفعالات العاطفية"[1]، وبهذه النظرية التي تجمع في الواقع بين نظرية الشعر عند  كل من  ابن وهب( الشعر شعور)  والجاحظ ( الشعر صياغة وضرب من التصوير) نستطيع أن نقول إن ماهية الأدب قد تحددت بعض الشيء، وعليه فلا حاجة لأن نقف عند من يقول : الأدب صياغة فنية لتجربة بشرية، لتعدد التجارب من شخصية وتاريخية وأسطورية واجتماعية، لأنها تدخل كلها في المادة الفكرية ملتبسة بالموقف العاطفي للأديب من موضوع ما، وكذلك لا فائدة من الوقوف عند من يقول: إن " الأدب نقد للحياة" بمعنى أن الأدب تمييز للحياة لأنه لا يحمل أي خصوصية أدبية، تلك الخصوصية التي حصرت في كيفية استخدام اللغة، مما فرض التعرض للأنواع الأدبية وعلاقتها باستخدام اللغة كما رأينا.


[1] ـ محمد مندور : الأدب ومذاهبه : 8
*صبري أبوحسين
18 - مايو - 2008
مقدمة الكتاب    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

بسم الله الرحمن الرحيم

النقد الأدبي صورة من صور ما قصده أبو حيان التوحيديى بقوله:  "إن الكلام عن الكلام صعب" وتتأتى صعوبته من أنه معقد جدا لدرجة تجعل نظرياته لا تكاد تحصى، وأنواعه في تطور مستمر، وسواء أكان  النقد تعليقا لغويا على النص من حيث هو  بنية من الإشارات اللفظية، أم  كان فن شرح وتفسير للنصوص الأدبية، أم كان فن تحقيق للأعمال الأدبية أم هو علم يفسر النصوص الأدبية من حيث هي فن من القول،  فإن الدارسين يقسمونه إلى نقد نظري يعنى بالبحث في ماهية الأدب ووظائفه وأدواته، ونقد تطبيقي يعنى بمباشرة وتقييم النصوص الأدبية شعرا ونثرا، بما في ذلك دراسة النص التقدي نفسه نظريا كان أو تطبيقيا، لإصلاح حال من أحواله أو تغيير نظرية من نظرياته.
     وعلى هذا يمكن القول بأن الحقل النقدي عامة يشمل: النقد النظري والنقد التطبيقي ونقد النقد، وتحت كل منها نظريات نقدية يعد الاهتمام بها مساهمة فعالة  
في المكونات الحيوية للمنهج العلمي.
إن هذا الكتاب  الذي سميته " نظريات نقدية وتطبيقاتها" وعرضت فيه عدة نظريات نقدية تعقبها تطبيقات تحاول أن تعطي للنظريات بعدا عمليا، قد ركزت تطبيقاته على الشعر قديمه وحديثه باعتبار الشعر أرقى الفنون الأدبية القادرة على استيعاب تلك النظريات النقدية المتعددة.
وإن هذا الكتاب  بحكم سبق النقد الغربي لكل ما يطرحه فإنه يرمي إلى وضع  لبنة تشارك في تقريب النظريات النقدية الحديثة من خلال بعض الطروحات العربية القديمة، فهو إن لم يكن له مثيل في مجال النقد الأدبي ونظرياته، لاسيما في مجال الثقافة العربية والإسلامية، لاحتوائه على معظم النظريات الغربية والإسلامية، وهو الأمر الذي لا يتحقق في كتاب يغترف من النقد الغربي وحده، أو من النقد الإسلامي وحده، فإنه لا يدعي تقديم الجديد، على أن  الباحث قد توخى فيه قدر الإمكان الإلمام بالنظريات الأساسية التي تتضافر وتتنافس في الوقت نفسه لتجد حلا للمعضلات الأدبية التي يطرحها النقد الأدبي كلما حاول أن يواجه النصوص الأدبية من زاوية من الزوايا المتعلقة بالشكل أو بالمضمون، بالباطن أو بالظاهر، بالسطح أو بالعمق، لكون النص هو البنية الأدبية التي تتفاعل معها جميع النظريات.
ولما كان أول مشكل يعترض التساؤلات النقدية هو البحث في طبيعة الأدب وفي وظيفته، فإن هذا الكتاب جعل الفصل الأول من القسم الأول يبحث في نظريات طبيعة الأدب ونظريات وظيفته، وليس من شك في أن البحث في طبيعة الأدب وفي وظيفته قد قام على نظريات متعددة ينطلق بعضها من الشكل وينطلق بعضها من المضمون.
 ولما كانت النظريات متعددة ومتداخلة فإن هذا الكتاب يحاول أن يعرض هذه النظريات بتسلسل منطقي مبسط وموجز ييسر للدارس أمر الخلاف القائم بين هذه النظريات ويفسر أسباب ذلك، ويحاول في الأخير أن يقدم النظرية التوفيقية التي يبدو أنها أكثر ملاءمة للحقيقة الأدبية، وعليه فقد قدمنا نظريتين توفيقيتين إحداهما تتعلق بطبيعة الأدب وثانيهما تتعلق بوظيفته.
ومن الطبيعي والحال هذه أن يخصص مبحث من الفصل الأول لنظريات الأنواع الأدبية، ذلك لأن النوع إنما يتشكل منبثقا من الأصل، وعليه فإن الطبيعة والوظيفة تطرحان نفسيهما بقوة في الأنواع الأدبية من شعر وقصة ومسرحية.
ولما كان الطرح النقدي من الوجهة التطبيقية تعترضه مشكلات يتعلق بعضها  بالسطح ويتغلغل بعضها في العمق، فإن البحث لم يدخر جهدا في أن يعرض نظريات دراسة الأدب من الداخل سطحا ونظريات دراسة الأدب من الداخل عمقا ومضمونا، ومن هنا كان الحديث عن نظرية النقد اللغوي ونظرية المدرسة العضوية ونظرية النص أو الشعرية ونظرية الأسلوبية، كما كان ضروريا أن يتعرض لنظريات النقد الأخلاقي ونظريات مدرسة الإنسانية الجديدة ونظريات النقد الإسلامي ونظريات النقد الموضوعاتي.
على أن نظريات النقد لم تنقسم فقط على مستوى طبيعة الأدب ووظيفته أو على مستوى دراسة الأدب من جهة المضمون ودراسته من جهة الشكل، وإنما قد تنوعت وتعددت أيضا على مستوى دراسته من الخارج حيث يتم الاعتماد على العلوم والمعارف غير الأدبية كعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم التاريخ، وعلى هذا الأساس كان حتميا أن يتعرض الكتاب لنظريات النقد النفسي ونظريات النقد التاريخي، بل ونظريات النقد التكويني التي كانت نشأتها عند العرب مبكرة جدا متمثلة خاصة في تأملات شيقة لابن طباطبا.تلك التأملات التي كانت تستقي أفكارها من لمحات الجاحظ في البيان  كقوله (خذ من نفسك ساعة نشاطك) وقوله" من أراد معنى كريما فليلتمس له لفظا كريما ...فإن حق المعنى الشريف اللفظ الشريف" ولمحات ابن قتيبة في أدب الكاتب والشعر والشعراء كقوله:" الأدب غض والزمان زمان وأهله يتحلون بالفصاحة ويتنافسون في العلم" وقوله "ونحن نستحب ممن قبل عنا وائتم بكتبنا أن يؤدب نفسه قبل أن يؤدب لسانه ويهذب أخلاقه قبل أن يهذب ألفاظه".
*صبري أبوحسين
18 - مايو - 2008

 
   أضف تعليقك
 1  2  3