علامة حلب (6)     ( من قبل 5 أعضاء ) قيّم
الشيخ عبد الفتاح خطيباً كان الشيخ رحمه الله حيياً صموتاً دائم الفكرة رطب اللسان بذكر الله عز وجل، فإذا خطب أو تحدث تدفق كصوب مبارك يأتي بالغيث والبركة، تصيخ له الأسماع وتصغي لحديثه النفوس وتنفتح لكلامه الأفئدة، وكان رحمه الله لا يشرق ويغرب في حديثه وخطبه بل يختار الموضوع المناسب للمقام والحضور، ولا يتعداه إلى سواه بل يكرر أفكاره بأوجه مختلفة حتى تثبت في أذهان السامعين وعقولهم، ويورد في حديثه شواهد القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وأشعار العرب وأمثالهم ولمحات من حياة علماء المسلمين ورجالاتهم، دون اختصار مخل أو إطالة تمل، ما توقف إلا وسامعه يتمنى لو استمر في حديثه، وكل ذلك في كلام بليغ فصيح مسبوك مترابط لا خلل فيه ولا وهن، لا يعرف اللحن والخطأ إليه سبيلا. وعند ما كان الشيخ يخطب الجمعة أسبوعياً في حلب كان يعد لخطبته إعداداً دقيقاً يستغرق منه الساعات، فيراجع مصادر موضوعها في كثير من الكتب كبيرها وصغيرها، ثم يقسمها إلى نقاط رئيسة يريد إيصالها للمصلين الذين كانوا يأتون إليه من أنحاء البلد وخارجها، وما كان الشيخ يستعين بمكتوب في خطبته و إن كان أحياناً ـ وبخاصة في بداية الأمر ـ يكتب الخطبة، ليستحضرها فيما بعد بوضوح ودقة وسلاسة وترتيب في عرض الأفكار. أما محاضرات الشيخ العلمية فكان رحمه الله يقتلها بحثاً وتمحيصاً ولا يستثني من هذا الإعداد محاضراته النظامية على الطلبة في كليات الشريعة أو حلق الدرس، و يقول: إن المدرس عندما يلقي درسه على طلابه فإنما يعرض أفكاره على عشرات النقاد المولعين بتتبع الهفوات والأخطاء. وفي هذه التسجيلات وغيرها مما سنضيفه للموقع تباعاً شواهد من فصاحة الشيخ وبيانه وأسلوبه الفريد في الخطابة والدرس، رحمه الله تعالى وأجزل ثوابه وأخلف على المسلمين فيه. الشيخ في المجلس النيابي انتخب الشيخ سنة 1382/1961م نائباً عن مدينة حلب، بأكثرية كبيرة، فنال بذلك ثقة مواطنيه، على الرغم من تألب الخصوم عليه من كل الاتجاهات، ومحاولاتهم المستميتة للحيلولة بينه وبين الوصول إلى مجلس النواب، وفي مجلس النواب السوري، قام الشيخ عبدالفتاح مع إخوانه بنصرة قضايا الإسلام والمسلمين في سورية، وقد أشار الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في مذكراته لبعض مواقف الشيخ إزاء محاولات من جهات شتى لإغفال الإسلام دينا للدولة من الدستور السوري، وفي عام 1965 بعد عامين على حل المجلس النيابي ، غادر الشيخ سورية ليعمل مدرسا في كلية الشريعة بالرياض، ولما عاد إلى بلده في صيف 1386/1966 أدخل السجن مع ثلة من رجال العلم والفكر والسياسة ، ومكث في سجن تدمر الصحراوي مدة أحد عشر شهرا، وبعد كارثة الخامس من يونيو/حزيران سنة 1967 م أفرجت الحكومة آنذاك عن جميع المعتقلين السياسيين، وكان الشيخ رحمه من بينهم. كانت عضوية الشيخ في جماعة الإخوان المسلمين مبنية على قناعته بضرورة العمل الجماعي لنصرة الإسلام والمسلمين لا جريا وراء المناصب والمسميات، فقد كان التفرغ للعلم والتحقيق الرغبة الدائمة التي رافقته طوال حياته، ومع رغبة الشيخ الملحة في الانصراف بكليته إلى الجانبين العلمي والدعوي، فقد اضطر أكثر من مرة، أن يستجيب لرغبة إخوانه، فيتحمل معهم بعض المسؤوليات التنظيمية، فكان أن تولى – على غير رغبة منه أو سعي - منصب المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية مرتين، ثم تخلى عنه في أقرب فرصة مناسبة متفرغاً للعلم والتأليف. حياته في السعودية بعد خروجه من السجن انتقل الشيخ ثانية إلى المملكة العربية السعودية، متعاقداً مع جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض حيث عمل مدرساً في كلية الشريعة ثم في المعهد العالي للقضاء الذي أسس حديثا، وأستاذاً لطلبة الدراسات العليا، ومشرفاً على الرسائل العلمية العالية، فتخرج به الكثير من الأساتذة والعلماء، وقد شارك خلال هذه الفترة 1385-1408/1965-1988 في وضع خطط جامعة الإمام محمد بن سعود ومناهجها، واختير عضواً في المجلس العلمي فيها، ولقي من إدارة الجامعة ومدرائها فضيلة الشيخ عبد العزيز بن محمد آل الشيخ، و الدكتور عبد الله عبد المحسن التركي كل تكريم وتقدير، ولقي مثل ذلك من فضيلة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى الذي ترجم له الشيخ في كتابه "تراجم ستة من علماء العالم الإسلامي في القرن الرابع عشر"، كما كان محل احترام و تقدير من وزير المعارف المرحوم حسن بن عبد الله آل الشيخ. أشرف الشيخ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على رسائل عديدة لطلبة الماجستير والدكتوراه نشير إلى بعض منها فيما يلي: 1. فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن محمد الصبيحي الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: كتاب "اختلاف الحديث" للشافعي، رسالة ماجستير عام 1399. 2. فضيلة الشيخ الدكتور : خالد بن منصور الدريس الأستاذ المشارك في الحديث في قسم الثقافة الإسلامية في كلية التربية بجامعة الملك سعود : هل سكوت الذهبي على تصحيح الحاكم إقرار له. بحث عام 1409. 3. فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن عبد الله اللاحم الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود فرع القصيم: تحقيق كتاب "الكشف الحثيث في من رمي بوضع الحديث" لبرهان الدين الحلبي سبط ابن العجمي. رسالة ماجستير عام 1401. 4. الأستاذ سليمان محمد طاهر السحيني: "جمع ألفاظ الجرح والتعديل ودراستها" رسالة ماجستير عام 1401. 5. الدكتور الحسين محمد شواط المدير التنفيذي للجامعة الامريكية المفتوحة وأستاذ السنة وعلومها: منهج القاضي عياض في كتابه إكمال المعلم بفوائد مسلم. رسالة دكتوراه عام 1411. 6. الدكتور مهيب بن صالح بن عبد الرحمن البوريني (الحصان) أُستاذ مادة الحديث في جامعة آل البيت بالمفرق بالأردن: الأحكام الشرعية الكبرى لعبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الإشبيلي المعروف بابن الخراط. رسالة دكتوراه عام 1406. 7. الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير عضو هيئة التدريس في قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض (سابقاً) : تحقيق النصف الأول من فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي. رسالة دكتوراه عام 1407. 8. الأستاذ محمد بن شكري بن مصطفى اللزام: الحديث ورجاله بالمغرب الأقصى في القرنين السادس والسابع الهجريين. رسالة ماجستير عام 1413. انتدب الشيخ أستاذاً زائراً لجامعة أم درمان الإسلامية في السودان ولجامعة صنعاء في اليمن، ولمعاهد الهند وجامعاتها، وشارك في الكثير من الندوات والمؤتمرات الإسلامية العلمية، التي تعقد على مستوى العالم الإسلامي، وكانت له جهود طيبة في جميع هذه المجالات حيث درس في الأردن والباكستان وتركيا والجزائر والعراق وقطر، وعمل فترة في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض ثم انتقل للعمل متعاقداً مع جامعة الملك سعود في الرياض وقبل وفاته بسنوات تفرغ من العمل وعكف على العلم والتأليف حتى وافته المنية رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. كذلك اختير الشيخ لتمثيل سورية في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بعد شغور مقعدها بوفاة الشيخ حسن حبنكة الميداني رحمه الله، فقام بذلك خير قيام مع الأعضاء الآخرين لنشر الدعوة إلى الله ومتابعة قضايا المسلمين في العالم حتى توفاه الله تعالى. قام الأستاذ عبد المقصود خوجة الوجيه الحجازي المعروف بإكرام الشيخ في "الإثنينية" التي يعقدها في بيته بجدة في المملكة العربية السعودية وكانت أمسية تكريم الشيخ عام 1414 للهجرة أمسية لا تنسى لم ينقطع بكاء الشيخ فيها وهو يسمع الثناء عليه وتسجيلها موجود في قسم المحاضرات، وهذا نصها مستلاً من ملفات الإثنينية. وقد تتلمذ على الشيخ رحمه الله ألوف مؤلفة أثناء تدريسه في مدارس وجامعات سورية والسعودية والمغرب والسودان واليمن والهند وباكستان، نذكر بعضاً منهم مع الاعتذار لمن فاتنا ذكره: فضيلة الشيخ علي جمعة: سماحة مفتي جمهورية مصر العربية الشيخ حسن قاطرجي: الداعية اللبناني مؤسس جمعية الإتحاد الإسلامي، ومن أنشطتها مجلة: منبر الداعيات، ودور تحفيظ القرآن الكريم، ودار للحوار مع غير المسلمين. وقد كتب الشيخ حسن رعاه الله مقالة ضافية عن شيخه الشيخ عبد الفتاح يمكن الإطلاع عليها بالضغط على صورته المرفقة. الشهيد الشيخ نزار عبد القادر محمد ريان: أستاذ الحديث في كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية بغزة، استشهد في عدوان إسرائيل على غزة في محرم 1430 الموافق يناير 2009. الشيخ سلمان بن فهد العودة: الداعية الإسلامي والذي دعا لإنصاف الشيخ إزاء إجحاف بعض علماء السعودية له، وذلك في مقال يمكن الاطلاع عليه بالضغط على الصورة أدناه. الشيخ موسى بن محمد القرني: الأستاذ المساعد و رئيس قسم أصول الفقه سابقاً بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية الشيخ عايض القرني: الداعية الإسلامي وصاحب المؤلفات المفيدة الممتعة الشيخ سعد بن سعيد الحجري: الداعية الإسلامي في أبها الشيخ محمود عكام: مفتي حلب الشيخ حمد بن إبراهيم الشتوي: الأستاذ سابقاً في قسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض الشيخ عبد الوهاب بن ناصر الطريري: الأستاذ في كلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض الشيخ محمد عبد المالك البنغالاديشي: أحد من تخرج في علم الحديث ورسخ فيه على يد الشيخ والشيخ محمد عبد الرشيد النعماني رحمهما الله تعالى، وله جهود في التعليم والتأليف مشكورة. الشيخ محمد العمير: عميد كلية التربية في جامعة الملك فيصل بالدمام الشيخ علي بن عبد الله الجمعة: رئيس قسم السنة في جامعة القصيم سابقاً الشيخ نوح بن علي بن سليمان القضاة: مفتي القوات المسلحة الأردنية الشيخ مجد أحمد مكي: إمام وخطيب جامع الرضا بحي النعيم بجدة، وعضو رابطة علماء سورية المستقلة الشيخ محمد عوامة: المحدث العلامة نزيل المدينة المنورة |