البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الفلسفة و علم النفس

 موضوع النقاش : سؤال الكينونة ولعبة الحياة والموت    قيّم
التقييم : التقييم :
( من قبل 9 أعضاء )

رأي الوراق :

 ضياء  
17 - فبراير - 2010
 
تنطلق فكرة هذا البحث من رغبة قديمة تدفعني ، بدون كلل ، إلى البحث والتساؤل ومعاينة التجربة الوجودية للإنسان ، في ماضيه وحاضره ، كما تتجلى في تاريخه وفي معاناته اليومية ، وكما تفصح عنها أدوات الثقافة من شعر وأدب وفلسفة وفنون وعلوم ، رغبة مني في الإدراك ، والإمساك بتلك المشاعر الخفية التي أعيشها في داخلي والتي تشكل المخيال والمخزون العاطفي الذي يرفد حياتي بالطاقة اللازمة للاستمرار لكنه ، في الوقت عينه ، يحدد وجهة مصيري وتفكيري .
والصورة التي أبحث عنها هي صورة البنت التي تعيش في داخلي ولا يراها الناس والتي بقدر ما هي عاطفية وخجولة ومتوحدة في عالمها الخاص ، بقدر ما هي عدوانية ومتسلطة وشديدة العناد .
هذه البنت القابعة في تلافيف نفسي لا عمر لها ولا تظهر إلا في حالات نادرة هي حالات التجلي العاطفي لغريزة الأمومة أو حالات الغضب المستطير ، فهي تعيش في عزلة وانطواء داخل قلعتها الحصينة التي بنتها من حولها كما تبني دودة الحرير شرنقتها بمزيج من الحكايات والأساطير الخاصة بها وبتاريخها الذي جاءت منه وتشعر حياله بالمحبة والولاء وهو يرفدها بمجموعة من المعارف والمثل البديهية التي لم ترها في مكان أو تتعلمها من أحد ويمنحها الشعور بأن ما تعرفه هو أزلي سرمدي لا يغير منه حال ولا يبدله زمن .
هذه الذات القابعة في تلافيف نفسي هي ذات حائرة ، وحيرتها ليست معرفية بقدر ما هي خوف وحذر غايته الحفاظ على هذه الواحة من الأمان الداخلي وهذا لأنها تشتاق ، تشتاق للخروج من عزلتها وتشعر بالوجد والانخطاف في كل مرة تجد نفسها فيها أمام تجليات الحب والجمال الباهر .
وبالرغم من محبتي لها وحرصي عليها لأنها حصني الأخير ، إلا أنني أعلم بأن لها دوراً سلبياً ومعيقاً في حياتي وكم من مرة حالت بيني وبين أشياء كثيرة كنت أحبها وأتمناها بقوة بدافع من كبريائها أو حذرها أو تعنتها أو مثاليتها الشديدة .
هي ليست إذن ذاتي المفكرة ، بل هي ذاتي الغريزية والعاطفية التي تتميز بردود فعل فطرية وعنيفة ومتعنتة وغير متوقعة في غالب الأحيان سواء في حبها أو كرهها او سخطها أو حذرها الشديد وبحيث تبدو قراراتها المجحفة والقاسية أحياناً اعتباطية وغبية وغير ملائمة للواقع ، مع هذا ، ورغم إدراكي لدورها ، فهي تنتصر علي في كل مرة لتفرض قوانينها وأحكامها التي تعيشها بالحدس والبديهة وترفض النقاش بها أو المساومة عليها بلغة العقل والمنطق .
وبدافع من رغبتي في فهم هذه البنت الفلاحة ، العنيدة والبدائية ، التي تعيش في نفسي ورغبتي في أن تكف عن التدخل في حياتي وقراراتي بهذا الشكل السلبي والمعيق لقدرتي على التطور والتكيف مع العالم المحيط بي قررت كتابة هذا البحث الذي قمت بتقصي معلوماته من قراءات متعددة ومتشعبة استخلصت منها ما نويت تقديمه لكم اليوم .
شاهد التعليقات الأخرى حول هذا الموضوع
أضف تعليقك
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
ضد اليومي..ربما....؟    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
الفاضلة ضياء، مساء الخير مغربية،         
      يسعدني مرة أخرى أن "أتسلل" بين لحظات الزمن "المقاوِمة لكل فراغ"، محاولا تطويعها لقولِ ما لا يدخل ضمن دائرة "القول المُؤدَى عنه" والسالب، على كل حال، لحرية "الكلام"، وإن كان القول التربوي التعليمي نبيلا لكنه مع الزمن ينصاع لحكم المؤسسة وروتينها وبيروقراطيتها، كما ينصاع الإنسان لحكم الطبيعة البيولوجية، مثل كل النمل والنحل ... ، رغم شموخ عقله المعماري على حد تعبير إيمانويل كانط، الذي لم ولن يخلصه من التبعية للطبيعة وإن بلغ حلم الاقتراب من سرعة الصوت التي ستفتح له آفاق قلب قوانين الفيزياء الموهمة بالاطلاقية حتى الآن.
      أود في البداية أن أقول بأن جزء من كينونتي منعكس، بشكل ما، في كتاباتي، وبعض من هذه الكتابات بدأ يرى النور في الفضاءات الافتراضية الرحبة للموقع الذي أبنيه "حجرا حجرا"، بمساعدة صديق من الجيل الرائع الجديد، موقع لا زال في طور البناء، أنوي تضمينه كتابات وأعمال فلسفية ونقدية وتأملية، وفنية وإبداعية... لي ولكل الأصدقاء، ولثلة من الرواد المتعددي المشارب والمناهل، ومرحبا بك أستاذة ضياء وبكل الزملاء من الإمارات العزيزة، لجعله منهلا للباحثين وللمثقفين والطلبة، ولكل طالب علم ومتعة، بها يتجاوز، أو لنقل يستمتع بحلاوة تجاوز كل مايشُدَ إلى اليومي القاتل للابداع بعد الحرية، حرية الاستمتاع بالوقت للتأمل ولممارسة التفكير و"التبادل" كما قال صاحب "فلسفة القوة" فريديريك نيتشه.
      سيدتي الفاضلة،
     أكيد أن الوعي ب"حريرية" الخيوط الفاصلة بين البيولوجي والثقافي في كينونتنا سلاح ذو حدين: فبقدر ما نتمرس على ممارسة لعبة التمييز بين النومين والفينومين، بلغة كانط مرة أخرى، ونكتسب الاحترام والتقدير، بقدر ما تتعمق الحيرة وعمق التساؤل الذي وراءها مع اكتشافنا لحقيقة قول المفكر الكبير "مالرو" لاشئ دائم للإنسان، لاقوته ولاضعفه". فمع السنين نكتسب النضج، لكن هذا النضج يحمل في ثناياه مسحة ما مدهشة التركيبة: فهي مزيج سحري وساحر من الرضى على الذات والاشفاق عليها في نفس الوقت، من الارتياح عند القول، الفكري أو الفني أوالعلمي...، ومن الاحساس بخطر قوة المسح التي يمارسها الزمن على "الأثر" الذي تركناه بذلك القول،  ولا ينفلت ولا يدوم خارج هذا الإحساس بزحف النسيان على اجتهاداتنا، وإن بخط بياني متأرجح بين الصعود والهبوط كدقات القلب وكانتقالنا البيولوجي الطبيعي بين الرغبة وتحقيقها، بين الحاجة والاشباع، لا يدوم إذن إلا ذلك الاصرار على التفكير ومعاودته، ليصبح جرعة ضرورية لا يمكن تجديد الإحساس بإنسانيتنا إلا وتلك الجرعة تأخذنا نحو "رضى" التعب والنوم، تعبا، يراود جفوننا التي "تنسدل" على حروف وكلمات، ومعان ودلالات، وأسماء وخيالات، وأحداث وحكايات، ومفاهيم وتصورات، وروائح واستيهامات، تسموبنا فوق تفاهات وصغائر وترهات اليومي، محلقة بنا بين ثنايا تقاسيم وظلال صور تعيد النَفسَ إلى أنفاسنا، والحياة إلى ما يغتاله هذا اليومي القذر فينا من سؤال واندهاش حاجب للشمس عنا في واضحة النهار.
      الفاضلة ضياء،      هذه بداية....كيفما اتفق ..ربما؟.. وهذا ما جاد به هذا "الهروب" القصير وأرجو الاستمرار فيه قريبا. مع كل الصداقة والود والتقدير.
إدريس
16 - أبريل - 2010
أضف تعليقك