الحمد لله الذي أباح /// الحمد لله الذي حظر. كن أول من يقيّم
الحمد لله الذي أباح /// الحمد لله الذي حظر. والمسألة التي نحن بصددها من أكثرها بحثا عند الفقهاء من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين ولست أريد أن اذكر أدلة المبيحين أو المحرمين فإن لذلك موطنه. ومن أراد الوقوف على موارد النزاع ومكامن الخلاف وأدلة كل فريق فعليه بالمؤلفات في ذلك فإنها كثيرة بعدد ما اختلف العلماء في المسألة. وأذكر هنا نبذة مختصرة من مقدمة لكتابين اشتهرا في هذا الباب، أحدهما يبيح والآخر يحرم. فالأول منهما: " فرح الأسماع برخص السماع " لمحمد الشاذلي التونسي (882هـ). والثاني: " كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع " لابن حجر الهيتمي (973هـ). قال الأول في مقدمة كتابه: " الحمد لله الذي أباح وفسح مجال الغناء رغما لأنف أهل الجهل الأغبياء، وأراح به بواطن أهل السلوك من الصوفية الأصفياء، وجعله لهم معراجا للأرواح وراحة من كدورات الأطغياء وأنسوا به في غربة السير في عالم الأشباح مع إخوانهم الأتقياء، كيف لا؟ وهو عرس للأرواح للسادة الأولياء، يريح الأرواح، ويخفف الأشباح، ويذهب الأتراح، ويأتي بالأفراح (ويؤنس الإشراق ولمعان الضياء) نحمده سبحانه وتعالى على ما فهمنا معاني، وأطلعنا على اسراره الخفية في مبانيه،...أما بعد فهذه فوائد تتعلق بإباحة السماع والغناء، سبب جمعها إنكار الجهال، ووقوع الأندال في الأبدال (وحسد أهل الأكدار من الأغيار الأحبار الأبرار) " وقال الثاني: " الحمد لله الذي حظر مواطن اللهو على عباده، وخلص من ريبه وشبهه المصطفين لقربه ووداده، لما امتن به عليهم فعرفهم دسائس النفوس المانعة من فهم حكمه ومراده، وكشف لهم عن تسويلات الشيطان لا سيما على قوم زعموا التصوف والعرفان، وغفلوا من قول أعظم الصديقين بعد الأنبياء والمرسلين: أبمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ؟! لما غلب عليهم من الشهوات ومحبة البطالات والسعي في جلب فسقة العامة إلى مجالسهم لينالوا من حطامهم وخسائسهم الجالبة لهم إلى القطيعة لعدم علمهم بما قاله أئمة الحقيقة والشريعة... أما بعد فإني اثناء شهر ربيع الأول سنة (958هـ) ، ثمان وخمسين وتسعمائة دعيت إلى نسيكة لبعض الأصدقاء فوقع السؤال عن فروع تتعلق بالسماع فأغلظت في الجواب عنها فأغلظ في الجواب عنها وفي الرد على من نزل فهمه أو قلمه فيها، فقيل لي عن كتاب لبعض المصريين بلدا التونسيين محتدا المالكيين معتقدا..." وعلينا أن نتأمل قول الأول: ( الحمد لله الذي أباح ) وقول الثاني: (الحمد لله الذي حظر). ومن عنده علم فإننا متشوفون إلى معرفته حتى نكون على دراية بصحة الإضافة، فأي النسبتين يصح إضافتهما إلى الله عز وجل ؟ الإباحة أم الحظر ؟ أم هو التوقف ؟ |