بلغني عن أبي الحسن الناشئ عندما بلغته قصيدتي التي نظمتها في علي بن إبراهيم التنوخي أنّه قال: كنت بالكوفة في سنة خمسٍ وعشرين وثلاثمائةٍ وأنا أملي شعري في المسجد الجامع بها والناس يكتبونه عني وكان أحمد بن الحسين إذ ذاك يحضر معهم، وهو بعد لم يعرف ولم يلّقب بالمتنبي فأمليت القصيدة التي أولها:
بـآل مـحـمّـد عـرف iiالـصـواب |
|
وفـي أبـياتـهـم نـزل الـكـتـــاب |
إلى أن بلغت:
كـأن سـنـان ذابــلـــه iiضـــمـــير |
|
فـلـيس عـن الـقـلـوب لـه ذهـاب |
وصـارمـه كـبـيعـــتـــه بـــخـــم iiّ |
|
مقاصدهـا مـن الـخـلـق iiالـرقـاب |
فلمحته يكتب هذين البيتين، ومنها أخذ ما أنشدتموني الآن من قوله:
كـأن الـهـام فـي الـهـيجــا iiعـــيون |
|
وقـد طـبـعـت سـيوفـك مـن iiرقـــاد |
وقـد صـغـت الأسـنة مـن هـمـــوم |
|
فـمــا يخـــطـــرن إلاّ فـــي فـــؤاد |
وقد صدق أبو الحسن، لم أحبس لدعوى النّبوّة المزعومة، إذ كان حبسي بين عاميّ اثنين وعشرين وثلاثة وعشرين وثلاثمائة للهجرة لتهمة لحقت بي، ولو أننّي لم أدفع هذا الزعم، فقد كنت مستخفّا في صباي بالأنبياء ودعواهم، وأنا أستغفر الله اليوم من هذا الأمر . لقد دوّنت بيتيه هذين لأعيد سبكهما في قصيدة إختلف عليها الناس، مدحت بها علي بن إبراهيم التنوخي المذكور في الشام العام التالي، مطلعها :
أُحادٌ أَم سُداسٌ في أُحادِ |
|
لُيَيلَتُنا المَنوطَةُ بِالتَنادِ |
وللناشئ شعر لا تعوزه الحكمة، كقوله السائر:
إنّي ليهجرني الصديق iiتجنّياً |
|
فأريه أنّ لهجره iiأسبابا |
وأخاف إن عاتبته iiأغريته |
|
فأرى له ترك العتاب عتابا |
وإذا بليت بجاهلٍ متغافلٍ |
|
يدعو المحال من الأمور صوابا |
أوليته مني السكوت iiوربما |
|
كان السكوت عن الجواب جوابا |
|