مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث


يوميات دير العاقول

حيّة تخرج من السقف!   

تاريخ النص : 925 ب.م
في هذه السنة ظفر عماد الدولة بن بويه بياقوت، وملك شيراز، وكان أن سار بن بويه إلى القنطرة، وسبق ياقوت إليها، فلّما وصلها ابن بويه وصدّه ياقوت عن عبورها اضطّر إلى محاربته، فتحاربا، وأحضر عليُّ بن بويه أصحابه، ووعدهم أنّه يترجّل معهم عند الحرب ويقاتل كأحدهم، ومنّاهم ووعدهم الإحسان.
وكان من سعادته أنّ جماعة من أصحابه استأمنوا إلى ياقوت، فحين رآهم ياقوت أمر بضرب رقابهم، فأيقن مَن مع ابن بويه أنّهم لا أمان لهم عنده، فقاتلوا قتال مستقتل.
ثم إنّ ياقوتاً قدّم أمام أصحابه رجّالة كثيرة يقاتلون بقوارير النفط، فانقلبت الريح في وجوههم، واشتدّت، فلمّا ألقوا النار عادت النار عليهم، فعلقت بوجوههم وثيابهم، فاختلطوا وأكبّ عليهم أصحاب ابن بويه، فقتلوا أكثر الرجّالة، وخالطوا الفرسان فانهزموا، فكانت الدائرة على ياقوت وأصحابه.
فلمّا انهزم صعد على نشَز مرتفع، ونادى في أصحابه الرجعة، فاجتمع إليه نحو أربعة آلاف فارس، فقال لهم: اثبتوا فإنّ الديلم يشتغلون بالنهب، ويتفرّقون، فنأخذهم، فثبتوا معه، فلمّا رأى ابن بويه ثباتهم نهى أصحابه عن النهب، وقال: إنّ عدوّكم يرصدكم لتشتغلوا بالنهب، فيعطف عليكم ويكون هلاككم، فاتركوا هذا، وافرغوا من المنهزمين ثم عودوا إليه؛ ففعلوا ذلك، فلمّا رأى ياقوت أنّهم على قصده ولّى منهزماً، واتّبعه أصحاب ابن بويه يقتلون ويأسرون ويغنمون الخيل والسلاح.
ثم رجعوا إلى السواد، فغنموا ووجدوا في سواده برانس لبود عليها أذناب الثعالب، ووجدوا قيوداً وأغلالاً، فسألوا عنها، فقال أصحاب ياقوت: إنّ هذه أُعدّت لكم لتُجعل عليكم، ويطاف بكم في البلاد؛ فأشار أصحاب ابن بويه أن يفعل بهم مثل ذلك، فامتنع وقال: إنّه بغيٌ، ولؤم ظفر، ولقد لقي ياقوت بغيه.
ثم أحسن إلى الأسارى وأطلقهم وقال: هذه نعمة والشكر عليها واجب يقتضي المزيد؛ وخيّر الأسارى بين المقام عنده واللحوق بياقوت، فاختارو المقام عنده فخلع عليهم وأحسن إليهم.
وسار من موضع الوقعة حتّى نزل بشيراز، ونادى في الناس بالأمان.
وطلب الجند أرزاقهم فلم يكن عنده ما يعطيهم، فكاد ينحلّ أمره، فقعد في غرفة في دار الإمارة بشيراز يفكر في أمره، فرأي حيّة خرجت من موضع في سقف تلك الغرفة ودخلت في ثقب هناك، فخاف أن تسقط عليه، فدعا الفرّاشين، ففتحوا الموضع، فرأوا وراءَه باباً فدخلوه إلى غرفة أخرى، وفيها عشرة صناديق مملوءة مالاً ومصوغاً، وكان فيها ما قيمته خمس مائة ألف دينار، فأنفقها، وثبت ملكه بعد أن كان قد أشرف على الزوال.
اذهب إلى صفحة اليوميات