ولعلي بن محمد بن نصر بن منصور بن بَسَّام، وكان شاعراً لسناً، مطبوعاً في الهجاء، ولم يسلم منه وزير ولا أمير ولا صغير ولا كبير. وله هجاء في أبيه وإخوته وسائر أهل بيته، فمما قال في أبيه محمد بن نصر:
بَنَى أبو جعفر داراً فشيدَهَا ii
ومثله لخيار الدور بَنَّاء
فالجوع داخلها، والذل خارجها ii
وفي جوانبها بؤس وضَرَّاء ii
ما ينفع الدار من تشييد حائطها
وليس داخلها خبز ولا iiماء
وله فيه:
هَبْكَ عُمِّرْتَ عمر عشرين نسراً
أترى أنني أموت وتبقى ii
فلئن عشتُ بعد يومك يوماً
لأشُقنَّ جيب مالك شقا
وكان أبوه محمد بن نصر رجلاً مترفاً في نهاية السرو وحسن الزي، ظاهر المروءة، متخصصاً في هيئته ومطعمه وملبسه وتجمل داره. قال أحمد بن حمدون: كنت ألاعب المعتضد بالشطرنج ذات يومٍ إذ دخل عليه القاسم بن عبيد الله وهو وزيره، فاستأمره في شيء وانصرف، فلما ولى أنشد المعتضد قول البسامي في القاسم:
قل لأبي القاسم iiالمرجـى
قابلك الدهر بالعـجـائب ii
مات لك ابن وكـان iiزينـا
وعاش ذو الشين والمعايب
حياة هذا كـمـوت هـذا
فلست تخلو من المصائب
وجعل يكرر البيت الأخير، وعاد القاسم إليه في شغل والمعتضد مشغول باللعب، ولم يعلم بحضوره وهو يردد البيت، فاحتلت حتى أعلمته حضوره، فرفع رأسه إليه واستحيا منه حتى تبين ذلك في وجهه ثم قال: يا أبا الحسين: - وهو أول ما كناه للخجل الذي تداخله - لم لا تقطع لسان هذا الماجن وتدفع شره عنك? فانصرف القاسم مبادراً إلى مجلسه ومنتهزاً للفرصة في ابن بسامٍ وأمر بطلبه. قال ابن حمدون: فدهشت وارتعشت يدي في اللعب خوفاً مما يلحق ابن بسامٍ للقرابة التي بيني وبينه: فقال المعتضد: ما لك? قلت: يا أمير المؤمنين، القاسم بن عبيد الله لا يصطلى بناره، وكأني به وقد قطع لسان البسامي حنقاً عليه، وهو أحد النبلاء الشعراء فيكون ذلك سبةً على أمير المؤمنين، فأمر بإحضار القاسم وسأله عما فعله في أمر ابن بسامٍ فقال: قد تقدمت إلى مؤنسٍ بإحضاره لأقطع لسانه، فقال: يا أبا الحسين، إننا أمرناك أن تقطع لسانه بالبر والصلة والتكرمة ليعدل عن هجائك إلى مدحك. فولاه البريد والجسر بجند قنسرين والعواصم من أرض الشام. وله أيضاً: في المعتضد
إلى كم لا نرى ما نرتجيه
ولا ينفك من أمل كذوبِ
لئن سَمَّوْكَ معتضداً iiفإني
أظنك سوف تعضد عن قريب
وتوفي ابن بسام المذكور في صفر سنة اثنتين، وقيل ثلاث وثلاثمائة، رحمه الله تعالى، عن نيف وسبعين سنة.