سألني ابن جنّي: ما الذي عنيته بقولك:
وأضْعَفْنَ ما كُلَّفْنَهُ مِن قُباقِبٍ |
|
فأضْحَى كأنَّ المَاءَ فيهِ iiعَليلُ |
فقلت:
إن الخيل لما عبرت قباقب، وهو نهر جار كادت تسّكر ماءه لكثرة قوائمها، فأضعفت جريه أي جعلته ضعيفاً. فقال شيخ يختلس السمع: (أضعفن) يحتمل وجهين أحدهما: أن يكون من الضعف. ويكون المعنى أن هذه الخيل أضعفت هذا الماء وكدرته، فكأنه عليل أي به علة. والآخر:
أن يكون من ضعف الشيء إذا قلت أضعفت له العطية إذا زدتها ضعفها، فيكون عليل هنا فعيلا في معنى مفعول، من قولك عللت الشرب إذا كرّرته أي جاءت هذه الخيل فعبرت هذا الماء وكأنها سيل من كثرتها وسرعتها فصار النهر مثله ويقوي ذلك قولك:
وَرُعْنَ بِنا قَلْبَ الفُراتِ كأنَّما |
|
تَخِرُّ عَلَيهِ بالرّجالِ iiسُيُولُ |
فعجبت من أمره وتوّقد ذهنه. |