مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث


يوميات دير العاقول

يا أخي، يا أخي، قتلوني   

تاريخ النص : 944 ب.م
المكان : [ أنطاكية ]
في هذه السنة قتل أبو عبد الله البريدي أخاه أبا يوسف بالبصرة.
وكان سبب قتله أن أبا عبد الله البريدي كان قد نفد ما عنده من المال في محاربة بني حمدان ومقامهم بواسط، وفي محاربة توزون، فلما رأى جنده قلة ماله مالوا إلى أخيه أبي يوسف لكثرة ماله، فاستقرض أبو عبد الله من أخيه أبي يوسف مرة بعد مرة، وكان يعطيه القليل من المال، ويعيبه ويذكر تضييعه وسوء تدبيره، وجنونه وتهوره، فصحّ ذلك عند أبي عبدا لله، ثم صحّ عنده أنه يريد القبض عليه أيضاً، والاستبداد بالأمر وحده، فاستوحش كل واحد منهما من صاحبه.
ثم إن أبا عبد الله أنفذ إلى أخيه جوهراً نفيساً كان بجكم قد وهبه لبنته لما تزوجها البريدي، وكان قد أخذه من دار الخلافة، فأخذه أبو عبد الله منها حين تزوّجها.
فلما جاءه الرسول وأبلغه ذلك وعرض عليه الجوهر أحضر الجوهريين ليثمّنوه، فلما أخذوا في وصفه أنكر عليهم ذلك، وحرد، ونزل في ثمنه إلى خمسين ألف درهم، وأخذ في الوقيعة بأخيه أبي عبد الله وذكر معايبه وما وصل إليه من المال، وأنفذ مع الرسول خمسين ألف درهم، فلما عاد الرسول إلى أبي عبد الله أبلغه ذلك، فدمعت عيناه وقال: ألا قلت له: جنوني وقلة تحصيلي أقعدك هذا المقعد وصيرك كقارون?! ثم عدد ما عمله معه من الإحسان.
فلما كان بعد أيام أقام غلمانه في طريق مسقف بين داره والشطّ، وأقبل أخوه أبو يوسف من الشطّ، فدخل في ذلك الطريق، فثاروا به فقتلوه وهو يصيح: يا أخي، يا أخي، قتلوني! وأخوه يسمعه ويقول: إلى لعنة الله! فخرج أخوهما أبو الحسين من داره، وكان بجنب دار أخيه أبي عبد الله، وهو يستغيث: يا أخي قتلته! فسبه وهدده، فسكت، فلما قتل دفنه وبلغ ذلك الخبر الجند، فثاروا وشغبوا ظناً منهم أنه حي، فأمر به فنبش وألقاه على الطريق، فلما رأوه سكتوا، فأمر به فدفن، وانتقل أبو عبد الله إلى دار أخيه أبي يوسف، فأخذ ما فيها، والجوهر في جملته، ولم يحصل من مال أخيه على طائل، فإن أكثره أنفقه على الناس، وذهبت نفس أخيه.
ولم يمكث بعده طويلا فقد مات أبو عبد الله هذا بعد أن قتل أخاه بثمانية أشهر بحمى حادة.
اذهب إلى صفحة اليوميات