مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث


يوميات دير العاقول

أبو الجيش يطلب شمعة   

تاريخ النص : 961 ب.م
المكان : [ الفسطاط | دمشق ]
كان أصل اختصاص ابن الجصاص بأبي الجيش ابن طولون، أن أبا الجيش كان يشرب، إذا قعد للشرب، أربعين رطلاً من نبيذ مصر المعروف بالشيروي.
قال: ومن يشرب منه رطلاً، يقدر أن يشرب من غيره أرطالاً.
وكان لا يصبر معه أحد من ندماءه، ويسكرون قبله، فيصعب عليه، ويبقى وحده، فكان يتطلب المجيدين للشرب.
فوصف له ابن الجصاص، وهو إذ ذاك يتجر في الجوهر، فاستدعاه، فأدخل إليه، فحين مثل بين يديه، قبل الأرض، ولم يكن الناس يعرفون ذلك، فاستظرف خمارويه حسن أدبه.
وقال: أبو من? قال: عبد الأمير الحسين.
فقال: هذه اثنتان.
فواكله، وشاربه، قدحاً وقدحاً، حتى سكر خمارويه، ثم شرب بعده رطلاً.
فبلغ ذلك خمارويه من غد، فأدخله، وأجازه جائزة عظيمة.
وقال: ما صناعتك? فقال: الجوهر.
فقال: لا يبتاع لنا شيء إلا على يده، وكان مشغوفاً به، فكسب فيه الأموال.
وحصل يأكل معه، ويشاربه إذا أراد الشرب، فينام ندماؤه كلهم غيره، فولد ذلك له أنساً تاماً به، فكان يخرج إليه على النبيذ بأسراره، ويحادثه، ويأنس به.
ورد إليه أمر داره، والإشراف على جميع نفقاته.
ولم تزل حاله تقوى وتتزايد، حتى عرض له تزويج ابنته المعتضد، فأنفذه في الرسالة حتى عقد الإملاك، ثم أجرى أمر الجهاز على يده، فجرف الأموال بغير حساب.
قال: فأخبرني بعض أصحابنا، أنه لحق بعض الفرش الذي كان في جهاز قطر الندى ابنة خمارويه، مطر، فيما بين دمشق والرملة، فنزلها ابن الجصاص، وكتب إليه يعرفه الخبر، ويستأذنه في تطرية ذلك، فأذن له فيه.
فأقام شهرين لهذا السبب، وطرى الفرش، فاحتسب في النفقة، ثلاثين ألف دينار.
قال: ولما حصلت قطر الندى ببغداد، أضاق خمارويه إضاقة شديدة، لأنه افتقر بما حمله معها، وخرج من جميع نعمته، حتى طلب شمعة، فاحتبست عليه ساعة، إلى أن احتيلت.
فقال: لعن الله ابن الجصاص، أفقرني في السر.
اذهب إلى صفحة اليوميات