مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث


يوميات دير العاقول

وفاة صاحب الجمهرة   

تاريخ النص : 933 ب.م
قضى ابن دريد الأزدي، فأي جبل هوى! صاحب الجمهرة، أحفظه عن ظهر قلب، إمام أهل البصرة في اللغة.
ألفّه في فارس، لابن ميكال.
ورتبه على حروف المعجم مبتدئاً بالثنائي الصحيح، ناهجاً منهاج الخليل في تقليب حروف الكلمة على كل وجوهها.
فإذا أردت البحث عن فعل (لبس) فسوف تجده في مادة (بسل) لأن الباء تتقدم السين واللام في النظام الألف بائي، وهكذا.
فمن جيد شعره قصيدته المشهورة بالمقصورة التي يمدح بها الشاه ابن ميكال وولده، وهما عبد الله بن محمد بن ميكال الذي ألّف له الكتاب وولده أبو العباس إسماعيل بن عبد الله، وقد إنه أحاط فيها بأكثر المقصور، وأولها:

إما   تري   رأسي   حـاكـى  لـونـه   طرة   صبح  تحـت  أذيال  iiالـدجـى
واشتعل  المبـيض  فـي  iiمـسـوده   مثل اشتعال النار في جزل الغضى


ولا بن دريد من التصانيف المشهورة غير الجمهرة كتاب الاشتقاق وكتاب السراج واللجام وكتاب الخيل الكبير، وكتاب الخيل الصغير، وكتاب الأنواء وكتاب المقتبس وكتاب الملاحن وكتاب زوار العرب وكتاب اللغات وكتاب السلاح أحفظها كلّها وهو أعلم الشعراء وأشعر العلماء .
ولد بالبصرة سنة ثلاث وعشرين ومائتين، ونشأ بها وتعلم فيها، ثم انتقل عن البصرة مع عمه الحسين عند ظهور الزنج وقتلهم الرياشي، وسكن عمان وأقام بها اثنتي عشرة سنة، ثم عاد إلى البصرة وسكنها زمانا، ثم خرج إلى نواحي فارس وصحب ابني ميكال، وكانا يومئذ على عمالة فارس، وعمل لهما كتاب الجمهرة، وقلداه ديوان فارس، وكانت تصدر كتب فارس عن رأيه، ولا ينفذ أمر إلا بعد توقيعه، فأفاد معهما أموالا عظيمة، وكان لا يمسك درهما سخاء وكرما، ومدحهما بقصيدته المقصورة فوصلاه بعشرة آلاف درهم، ثم انتقل من فارس إلى بغداد، ودخلها سنة ثمان وثلاثمائة بعد عزل ابني ميكال وانتقالهما إلى خراسان.
ولما وصل إلى بغداد أنزله علي بن محمد الحواري في جواره وأفضل عليه، وعرف الإمام المقتدر خبره ومكانه من العلم، فأمر أن يجرى عليه خمسون دينارا في كل شهر، ولم تزل جارية عليه إلى حين وفاته.
وكان واسع الرواية لم ير أحفظ منه، وكان يقرأ عليه دواوين العرب فيسابق إلى إتمامها من حفظه وعرض له في رأس التسعين من عمره فالج سقي له الترياق فبرئ منه وصح ورجع إلى أفضل أحواله، ولم ينكر من نفسه شيئا ورجع إلى إسماع تلامذته وإملائه عليهم، ثم عاوده الفالج بعد حول لغذاء ضار تناوله، فكان يحرك يديه حركة ضعيفة، و بطل من محزمه إلى قدميه، وكان مع هذه الحال ثابت الذهن كامل العقل، يرد فيما يسأل عنه ردا، وعاش بعد ذلك عامين .
قال : جاءني إبليس في المنام وقال: أغرت على أبي نواس بقولك:
وحمراء   قبل   المزج   صفراء   iiبعـده   أتت  بين  ثوبي  نرجـس  iiوشـقـائق
حكت وجنة المعشوق صرفا فسلّطوا   عليها  مزاجا  فاكتست لون iiعاشـق


فقلت: نعم، فقال: أجدت إلا أنك أسأت في شيء، فقلت له: ولم? قال: لأنك قلت وحمراء فقدمت الحمراء ثم قلت بين ثوبي نرجس وشقائق فقدمت الصفرة، فهلا قدمتها على الأخرى، فقال: ما هذا الاستقصاء في هذا الوقت، يابغيض? مات وقد نيّف على التسعين ودفن بالمقبرة المعروفة بالعباسية، هكذا قيل لي.
اذهب إلى صفحة اليوميات