مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث


يوميات دير العاقول

يقول لي الطّبيب   

تاريخ النص : 959 ب.م
المكان : [ الفسطاط ]
نالتني بمصر حمى، كانت تغشاني إذا أقبل الليل، وتنصرف عني إذا أقبل النهار بعرق، فقلت أصف الحمى وأذمّ الأسود، وأعرّض بالرحيل، فشغف الناس بها في مصر، وأنشدوها الأسود فساءته.
بدأتها بقولي:

ملومكما يجلّ عن الملام   ووقع  فعاله  فوق  iiالكلام
ذراني  والفلاة  بـلا دلـيلٍ   ووجهي  والهجير بلا iiلثام
فإني  أستريح  بذا iiوهـذا   وأتعب  بالإناخة  iiوالمقام


ومنها:

ولا أمسى لأهل البخل iiضيفاً   وليس  قرىً سوى مخّ iiالنّعام
ولمّا   صار   ودّ   النّاس  iiخبّـاً   جزيت على ابتسامٍ بابتسام
وصرت  أشكّ  فيمن iiأصطفيه   لعلمي    أنّه   بعـض   iiالأنـام
أرى   الأجداد   تغلبها   كثـيراً   على  الأولاد،  أخلاق  iiاللّئام
ولم أر في عيوب النّاس iiعيباً   كنقص القادرين على iiالتّمام
أقمت  بأرض  مصر فلا iiورائي   تخبّ  بي  الرّكاب ولا iiأمامي


ثم كان وصف الحمّى الذي ذاع في الآفاق:

وزائرتي     كأنّ     بهـا    iiحـياءً   فليس   تزور   إلاّ   في  iiالظّلام
بذلت  لها  المطارف  iiوالحشايا   فعافتها،   وباتت  في  iiعظامي
إذا    ما   فارقتني   iiغسّلتنـي   كأنّا     عاكفان    على    iiحرام
كأنّ   الصّبح   يطردها   iiفتجري   مدامعها      بأربعةٍ      iiسـجـام
أبنت  الدّهر  عنـدي  كـلّ iiبـنـتٍ   فكيف وصلت أنت من الزّحام ?!


إلى أن بلغت قولي:

يقول لي الطّبيب: أكلت شيئاً   وداؤك   في   شرابك  iiوالطّعام
وما   في   طبّه   أنّـى   iiجـوادٌ   أضرّ   بجسمه   طول  iiالجمام
تعوّد   أن   يغبّر   في  iiالسّرايا   ويدخل   من   قتامٍ  في  iiقتام
فأمسك  لا  يطال  له فـيرعـى   ولا  هو في العليق ولا iiاللّجام


ما أن انتهت هذه الأبيات إلى مسامع الأسود حتى أدرك بأنني مفارقه، فأمر برقابتي رقابة صارمة.

اذهب إلى صفحة اليوميات