بلغني وأنا في طبريّة هذا العام هلاك إبن مقلة الوزير أبي عليّ محمد بن عليّ بن حسن الكاتب صاحب الخطّ المنسوب، وقد وزر للخلفاء غير مرّة ثم قطع يده ولسانه وسجن حتى هلك وله ستون سنة. وممّا شاع أن سبب موت ابن مقلة أنه أشار على الراضي بمسك ابن رائق فبلغ ابن رائق ذلك فحبس ابن مقلة ثم أخرج وقطعت يده فكان يشد القلم عليها ويكتب ويتطلب الوزارة أيضاً ويقول إن قطع يده لم يكن في حد ولم يعقه عن عمله. ثم بلغ ابن رائق دعاؤه عليه وعلى الراضي فقطع لسانه وحبس إلى أن مات في أسوأ حال ودفن مكانه، ثمّ نبشه أهله فدفنوه في مكان آخر، ثمّ نبش ودفن في موضع ثالث. فمن الاتفاقات الغريبة أنه ولي الوزارة ثلاث مرات لثلاثة خلفاء: المقتدر والقاهر والراضي، وسافر ثلاث مرات ودفن ثلاث مرات. وقيل إنه أقام في الحبس مدة طويلة ثم لحقه ذرب ولم يكن له من يخدمه، فكان يستقي الماء لنفسه من البئر فيجذب بيده اليسرى جذبة وبفمه جذبة. وممّا أحفظه له بيتاه السائران: