أودّ أن اسوق إليكم حكاية طالعتها اليوم عن الوليد بن عبادة الملّقب بالبحتري تقول:
كان في حلب شخص يقال له طاهر بن محمد الهاشمي، مات أبوه وخلف له مقدار مائة ألف دينار، فأنفقها على الشعراء والزوّار في سبيل الله، فقصده البحتري من العراق، فلما وصل إلى حلب قيل له: إنه قد قعد في بيته لديون ركبته، فاغتمّ البحتري لذلك غمّاً شديداً وبعث المدحة إليه مع بعض مواليه، فلما وصلته ووقف عليها بكى، ودعا بغلام
له وقال له: بع داري، فقال له: أتبيع دارك وتبقى على رؤوس الناس? فقال: لا بد من بيعها، فباعها بثلثمائة دينار فأخذ صرّة وربط فيها مائة دينار، وأنفذها إلى البحتري، وكتب إليه معه رقعة، ضمّنها الأبيات التالية:
لو يكون الحباء حسب الذي أن
ت لدينا به محلّ iiوأهل
لحبيت اللجين والدرّ iiواليا
قوت حثواً وكان ذاك iiيقلّ
والأديب الأريب يسمح بالعذ
ر إذا قصرّ الصديق iiالمقلّ
فلما وصلت الرقعة إلى البحتري ردّ الدنانير، وكتب إليه:
بأبي أنت أنت للبرّ iiأهل
والمساعي بعد وسعيك قبل
والنوال القليل يكثر iiإن
شا ء مرجّيك والكثير iiيقلّ
غير أني رددت برّك إذ iiكا
ن رباً منك، والربا لا iiيحلّ
وإذا ما جزيت شعراً بشعر
قضي الحقّ، والدنانير فضل
فلما عادت الدنانير إليه حلّ الصرة، وضم خمسين ديناراً أخرى، وحلف أنه لا يردّها عليه، وسيّرها، فلما وصلت إلى البحتري أنشأ يقول: