مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث


يوميات دير العاقول

بين الحائك والبزّاز   

تاريخ النص : 954 ب.م
المكان : [حلب]

قال سيف الدولة لي ذات ليلة: انتقدنا عليك يا أبا الطيب قولك :


وقفت وما في الموت شكّ لواقف   كأنك  في  جفن  الردى وهو iiنائم
تمر   بك   الأبطال  كلمى  هزيمة   ووجهك    وضّاح    وثغرك    باسم


كما انتقدنا على امرئ القيس بيتيه:

كأني   لم   أركب   جواداً  iiللذّة   ولم  أتبطّن  كاعباً  ذات iiخلخال
ولم أسبأ الزقّ الرويّ ولم أقل   لخيلي  كرّي  كرّة  بعد  iiإجفال


فبيتاك لا يلتئم شطراهما كما لا يلتئم شطرا بيتيه، وكان ينبغي لامرئ القيس أن يقول:

كأني لم أركب جوادا ولم أقل   لخيلي  كّري  كرّة بعد iiإجفال
ولم  أسبأ  الزقّ  الرويّ iiللذّة   ولم  أتبطّن كاعباً ذات iiخلخال

ولك أن تقول:

وقفت وما في الموت شكّ لواقف   ووجهك    وضّاح    وثغرك    باسم
تمرّ   بك   الأبطال  كلمى  هزيمة   كأنك  في  جفن  الردى وهو iiنائم


فقلت: أيد الله مولانا. إن صح أن الذي استدرك على امرئ القيس هذا أعلم بالشعر منه فقد أخطأ امرؤ القيس وأخطأت أنا. ومولانا يعلم أن الثوب لا يعرفه البزاز معرفة الحائك، لأن البزاز يعرف جملته، والحائك يعرف جملته وتفاريقه لأنه هو الذي أخرجه من الغزلية إلى الثوبية؛ وإنما قرن امرؤ القيس لذة النساء بلذة الركوب للصيد، وقرن السماحة في شراء
الخمر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء، وإنا لمّا ذكرت الموت في أول البيت أتبعته بذكر الردى وهو الموت ليجانسه؛ ولما كان الجريح المنهزم لا يخلو من أن يكون عبوساً، وعينه من أن تكون باكية قلت: ووجهك وضاح وثغرك باسم، لأجمع بين الأضداد في المعنى وإن لم يتسع اللفظ لجميعها. فأعجب سيف الدولة بقولي ووصلني -رعاه الله- بخمسين ديناراً من دنانير الصلات وزنها خمسمائة دينار.

اذهب إلى صفحة اليوميات