قال سيف الدولة لي ذات ليلة: انتقدنا عليك يا أبا الطيب قولك :
وقفت وما في الموت شكّ لواقف |
|
كأنك في جفن الردى وهو iiنائم |
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة |
|
ووجهك وضّاح وثغرك باسم |
كما انتقدنا على امرئ القيس بيتيه:
كأني لم أركب جواداً iiللذّة |
|
ولم أتبطّن كاعباً ذات iiخلخال |
ولم أسبأ الزقّ الرويّ ولم أقل |
|
لخيلي كرّي كرّة بعد iiإجفال |
فبيتاك لا يلتئم شطراهما كما لا يلتئم شطرا بيتيه، وكان ينبغي لامرئ القيس أن يقول:
كأني لم أركب جوادا ولم أقل |
|
لخيلي كّري كرّة بعد iiإجفال |
ولم أسبأ الزقّ الرويّ iiللذّة |
|
ولم أتبطّن كاعباً ذات iiخلخال |
ولك أن تقول:
وقفت وما في الموت شكّ لواقف |
|
ووجهك وضّاح وثغرك باسم |
تمرّ بك الأبطال كلمى هزيمة |
|
كأنك في جفن الردى وهو iiنائم |
فقلت: أيد الله مولانا. إن صح أن الذي استدرك على امرئ القيس هذا أعلم بالشعر منه فقد أخطأ امرؤ القيس وأخطأت أنا. ومولانا يعلم أن الثوب لا يعرفه البزاز معرفة الحائك، لأن البزاز يعرف جملته، والحائك يعرف جملته وتفاريقه لأنه هو الذي أخرجه من الغزلية إلى الثوبية؛ وإنما قرن امرؤ القيس لذة النساء بلذة الركوب للصيد، وقرن السماحة في شراء
الخمر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء، وإنا لمّا ذكرت الموت في أول البيت أتبعته بذكر الردى وهو الموت ليجانسه؛ ولما كان الجريح المنهزم لا يخلو من أن يكون عبوساً، وعينه من أن تكون باكية قلت: ووجهك وضاح وثغرك باسم، لأجمع بين الأضداد في المعنى وإن لم يتسع اللفظ لجميعها. فأعجب سيف الدولة بقولي ووصلني -رعاه الله- بخمسين ديناراً من دنانير الصلات وزنها خمسمائة دينار.
|