مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث


يوميات دير العاقول

القبران المتشاتمان   

تاريخ النص : 938 ب.م
المكان : [ دمشق ]

وقفت على القبرين المتشاتمين الذين ذكرهما يموت بن المزرّع، مكتوب على الأول: لا يغترنّ أحد بالدنيا فإني ابن من كان يطلق الريح إذا شاء ويحبسها إذا شاء، وبحذائه قبر عليه مكتوب: كذب الماص بظر أمه، لا يظن أحد أنه ابن سليمان بن داود عليهما السلام، إنما هو ابن حداد يجمع الريح في الزق ثم ينفخ بها الجمر.
ويموت هذا أديب أخباري، وله ملح ونوادر، وكان لا يعود مريضاً خوفاً أن يتطير من اسمه، وكان يقول: بليت بالاسم الذي سماني أبي به، فإني إذا عدت مريضاً فاستأذنت عليه، فقيل من هذا? قلت أنا ابن المزرع، وأسقطت اسمي.
ومدحه منصور الفقيه الضرير الشاعر المشهور بقوله:


أنت  تحيا والـذي يك   ره   أن  تحـيا  يمـوت
أنت صنو النفـس iiأن   ت لروح النفس قوت
أنت  للحـكـمة  بـيت   لا  خلت منك البيوت



وهو ابن أخت الجاحظ المعروف، توفي في سنة أربع وثلاثمائة. وقد حدّث عن أبي الحسن الكاتب المعروف بابن المدبرّ الضبي الرستيساني، كان إذا مدحه شاعر فلم يرض شعره قال لغلامه: امض به إلى المسجد الجامع ولا تفارقه حتى يصلي مائة ركعة ثم أطلقه، فتحاماه الشعراء إلا الأفراد المجيدين، فجاءه أبو عبد الله الحسين بن عبد السلام المصري المعروف بالجمل، فاستأذنه في النشيد فقال له: قد عرفت الشرط? قال: نعم، ثم أنشده:


أردنا   في   أبي  حسنٍ  iiمديحاً   كما     بالمدح     تنتجع    iiالولاة
وقلنا     أكرم     الثقلين    iiطـرا   ومن     كفاه    دجلة    iiوالفرات
فقالوا   يقبل  المـدحـات  iiلـكـن   جوائزه      عـلـيهـنّ     iiالـصـلاة
فقلت  لهم وما تغنـي صـلاتـي   عيالي،   إنما  الـشـأن  iiالـزكـاة
فيأمر  لي  بكسر  الصاد مـنـهـا   فتصبح لي الصّلاة هي الصّلات





فضحك ابن المدير واستظرفه، وقال: من أين أخذت هذا? فقال: من قول أبي تمام الطائي:

هن الحمام فإن كسرت عيافةً   من    حائهن   فإنهـن   حـمـام


فاستحسن ذلك وأحسن صلته.
اذهب إلى صفحة اليوميات